للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران: ٦]، {فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ} [الروم: ٤٨]. والتقدير: "كيف يشاء أنْ يُنْفق يُنفِق"، "كيف يشاء أن يُصَوِّر صَوّركم". (١)

وأما العاملُ في "كيف" هنا فهُو: "أُصَلّي" الثانية، وقد جَاء على شَرط "كيف" الشّرْطية؛ لاقتضائها فِعْلين مُتفقي اللفظ والمعنى، غير مجْزُومَين. (٢)

قال أبو حيّان: وحُذفَ فعلُ الجزاء لدلالة ما قبله عليه - وهو "يُصَوِّركم" - كقَولهم: "أنتَ ظَالمٌ إن فَعَلت"، أي: [" ... إنْ فَعَلْت فأنتَ ظالمه"] (٣). ولا مَوضعَ لهذه الجُمْلة - أعني: "كيف يشاء" - وإن كانت مُتعلّقة بما قبلها في المعنى، [كتعَلّق] (٤) "إنْ فَعَلْت" بقوله: "أنتَ ظالمُ". (٥)

واعلم أنَّ "كيف" هُنا شَرْطيّة، كما تقدّم. ويحتمل (٦) أوجُهًا، منها: أنْ تكُون حَالًا، أي: "أُصَلّي على حَالةٍ رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصَلّي عليها"، ويكُون العَامِلُ في الحال: "أُصَلي"؛ لأنّ الحالَ من ضَميره (٧).

ورَدّ ابنُ عصفور وقُوعها حَالًا، وقال: الحالُ خَبر، و"كيف" استفهام؛ فلا يصحُّ وقوعها حَالًا. (٨)


(١) انظر: البحر المحيط (٣/ ٢٠)، (٤/ ٣١٦)، مُغني اللبيب (ص ٢٧١).
(٢) انظر: البحر المحيط لأبي حيان (٤/ ٣١٦)، مُغني اللبيب لابن هشام (ص ٢٧٠، ٢٧١)، جامع الدروس العربية (٢/ ١٨٩).
(٣) هي في البحر المحيط (٣/ ٢٠): "أَنْت ظالمٌ إنْ فعلتَ فأنت ظالمٌ".
(٤) هي في البحر المحيط (٣/ ٢٠): "فتعلُّقُها كتعلّقِ".
(٥) انظر: البحر المحيط (٣/ ٢٠)، (٦/ ٦٨، ٦٩)، مغني اللبيب (ص ٢٧١).
(٦) المراد: ويحتمل موضع "كيف" بالجملة.
(٧) راجع: البحر المحيط (٣/ ٢٠)، (٤/ ٣١٦)، مغني اللبيب لابن هشام (ص ٢٧١)، شرح جمل الزجاجي (٢/ ٤٠٥).
(٨) انظر: شرح جمل الزجاجي (٢/ ٤٠٥)، توضيح المقاصد (٢/ ٧٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>