للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوعه بعدها، ألا ترى أنها في نحو: "ضربتُ القوم حتى زيدًا ضربتُ" حرفُ ابتداء، [وإن] (١) كان ما بعدها منصوبًا.

و"حتى" إذا وقع بعدها "إذا" احتمل أن تكون بمعنى "الفاء"، أي: "فإذا"، أو بمعنى "إلى أن"، كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ} [الأنعام: ٢٥]، فكونه بمعنى "إلى أن" يكون التقدير: "إلى أن يقولوا: إنْ هذا إلّا أساطير الأولين، في وقت مجيئهم لمجادَلتك"؛ لأنّ الغَاية لا تؤخَذ إلّا من جواب الشرط، لا من الشرط. وعلى هذا يتخرّج جميع ما جاء من هذا النحو، ولا بدّ أن يتقدّمه كلام ظاهر، كالآية، وكقوله: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا} [الكهف: ٧٤]، أو مُقدّر، كقوله تعالى: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا} [الكهف: ٩٦] (٢).

قلت: فيكون التقدير هنا: "فصلى بهم الظهر إلى أن كبَّر وهو جالس وقت انقضاء الصلاة وانتظارهم تسليمه".

قال الشّيخ أبو حيان: وجوَّز الزمخشري أن تكون "حتى" جارَّة لـ "إذا"؛ فقال: ويجوز أن تكون الجارَّة، وتكون "إذا جاءوك" في محلّ الخبر، بمعنى: "حتى وقت مجيئهم"، و"يجادلونك" حال. وأوجب ابن مَالك ذلك؛ فقال في التسهيل: "وقد تفارقها" (٣). يعني أنّ "إذا" تُفارقها الظّرفية، فتجيء مفعولًا به ومجرورة بـ "حتى" ومُبتدأ.

وما [ذهَب] (٤) إليه ليس بصَواب، والحقّ ما قاله الحوفي وأبو البقاء وغيرهما


(١) بالنسخ: "أو". والمثبت من البحر المحيط.
(٢) انظر: البحر المحيط (٤/ ٤٧٠، ٤٧١).
(٣) انظر: التسهيل (ص ٩٤).
(٤) غير واضحة بالأصل. ولعلها: "ذهبا". والمثبت من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>