للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك قالوا في قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [النحل: ٢٤] بالرّفع، ولم يُقرأ بالنصب، قالوا: لأنّ النّصب يقتضي تقدير: "أنزل"، ولو أقروا بأنه أنزل أساطير الأولين كان منهم إيمانًا، وإنما قالوه بالرفع؛ لأنه مُقدّر بإضمار مُبتدأ، أي: "هو أساطير الأولين".

وجاء الوجْهان في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: ٢١٩] بالنصب والرفع، على ما تقدّم (١)، ولا مُعارض لأحدهما يُوجب المنع. والله أعلم.

قوله: "خيرٌ": تقدّم الكلام عليه في الثّامن من "باب الجنابة"، ويجوز فيه الرّفع، والنّصب أوْجَه، لأنّه اسم "كان" مبتدأ، أو "أنْ" مع الفعل كالمضمر، فكان أولى.

قوله: "قال أبو النضر: لا أدري قال: أربعين يومًا أو شهرًا أو سنة": "أربعين" ظرفُ زمان؛ [لأنّه] (٢) عَدَد الظّرف.

وهو هنا مفعول لـ "وقف". و"وقف" مُتعدٍّ، قال تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات: ٢٤].

ولا يجوز أن يكُون ظرفًا، لأنّه ليس المراد أن يقف في أربعين يومًا ولا في أربعين سنة، وإنّما المراد جميعها.

وهذا كقوله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: ١٤٢] (٣)، فهي بجملتها الموعود.

قالوا: ويحتمل أن يكون التقدير: "تمام أربعين"، ومثله محتمَل هنا، ويكون قد


(١) انظر: تفسير القرطبي (٣/ ٦١)، والبحر المحيط (٢/ ٤٠٨).
(٢) في الأصل: "لأن".
(٣) انظر: البحر المحيط (٥/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>