للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حذف المضَاف، وأقام المضَاف إليه مقامه.

والمعدُود هنا منصوبٌ على التمييز، والعاملُ فيه اسم العَدَد، شبّه بـ "ضاربين".

وقيل: منصوب على التشبيه بالمفعول به؛ لأنّه مُقدّر بـ "من"، والمفعول به قد يكون كذلك، كقوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} [الأعراف: ١٥٥]، ولا يتقدّم التمييز عليه إجماعًا، ولا يُفصل بينهما إلّا في ضرورة، كقوله:

......................... ... ثَلاثُون لِلْهَجْرِ حَوْلًا كَمِيلَا (١)

ولا يتعرّف التمييز، خِلافًا لبعض الكوفيين، كقولهم: "ما فعلت العشرون الدرهم"، وحمل على زيادة "ال" (٢).

قوله: "لا أدري": هو أحَد الأربعَة التي تقع بعدها "همزة" التسوية غالبًا، وهذا الوضع جاء خليًّا عن "الهمزة" في اللفظ. والأربعَة: "لا أدري"، و "لا أبالي"، و"ليت شعري"، و"سواء" (٣).

قالوا: ولا يجوز أن يقع بعد (همزة) التسوية المبتدأ والخبر، فتقول: "سواء عليّ أدرهم مالك أم دينار؟ "، ولا الفعل المضارع، نحو: "لا أدري أتقوم أم تقعد؟ ". وعلى هذا جرَى جميع ما في القرآن، فتأمّله.

ومعنى هذا عندهم: أنها لا تدخُل إلا على جملة يصحّ تقديرها بالمصدَر (٤)؛ فلذلك لم يوقُعوا بعدها الاسمية؛ لأنها لا تقدّر بالمصدَر، وأجروا الجملة المصدّرة


(١) عجز بيت من المتقارب، وهو للعباس بن مرداس. انظر: خزانة الأدب للبغدادي (٦/ ٤٧٠)، المعجم المفصل (٦/ ١٣٤).
(٢) انظر: البحر المحيط (١/ ٣٢٢).
(٣) انظر: شرح الأشموني (٢/ ٣٧٥)، وتوضيح المقاصد والمسالك (٢/ ١٠٠٦)، والجنى الداني للمرادي (ص/ ٣٢).
(٤) انظر: النحو الوافي (٣/ ٥٨٥، ٥٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>