للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن يكون المراد: "فسبح متلبسًا بالحمد"، فتكون "الباء" دالة على الحال، وهذا يترجّح؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سبّح وحمد بقوله: "سبحانك وبحمدك". وعلى القول الأول: يكتفي بـ "الحمد" فقط، وكان تسبيح رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذا الوجْه دليلًا على ترجيح المعنى الثّاني (١).

قال ابن هشام: اختلف في "الباء" في قوله: "فسبح بحمد ربك"؛ فقيل: للمُصاحبة، و "الحمد" مضاف إلى المفعول، أي: "سبِّحه حامدًا له"، أي: "نزِّهْه عما لا يليق به، وأثبت له ما يليق به". وقيل: للاستعانة، و"الحمد" مضاف إلى الفاعل، أي: "سبّحه بما حمد به نفسه"، إذْ ليس كل تنْزيه حمدًا، ألا ترى أن تنْزيه المعتزلة أفضى إلى تعطيل كثير من الصفات.

واختُلف في "سبحانك اللهم وبحمدك": فقيل: جملة واحدة، على أن "الواو" زائدة. وقيل: جملتان، على أنها عاطفة.

ومتعلّق "الباء" محذوف، أي: "وبحمدك سبّحتُك".

وقال الخطابي: المعنى: "وبمعونتك التي هي نعمة توجب عليّ حمدَك سبَّحتُك، لا بحولي وقوتي". يريد: "أنه أقيم فيه المسبَّبُ مقام السبب" (٢).

وقال ابن الشجري في قوله تعالى: {فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} [الإسراء ٥٢]: "الباء" متعلّقة بحال محذوفة، أي: "معلنين بحمده" (٣).

وتقدّم الكلام على "اللهم" في الحديث الأوّل من "الاستطابة".

* * *


(١) انظر: إحكام الأحكام (١/ ٣١٤).
(٢) انظر: فتح البارى (١٣/ ٥٤١)، شرح القسطلاني (١٠/ ٤٨٤).
(٣) انظر: مغني اللبيب (ص/ ١٤٠)، وأمالي ابن الشجري (١/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>