للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"جَعَل" لها مَعَان، منها: -

المقَارَبة: بمَعنى أنها وضعت لدنو الخبر؛ فتحتَاج إلى اسم وخبر، نحو قولك: "جَعَل زيد يفعل كَذا"، ويجب كَون الخبر فعلًا عند الأكثرين. ومما وَرَد نَادرًا قوله في الحديث: "فَجَعَلَ كلَّمَا جَاءَ ليَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ" (١).

قال ابن مالك: كان من حقّه أن يكون فعلًا مضارعًا، فجاء خبرها جملة إنشائية مصَدّرة بـ "كُلما"، وهو مبني على أصل متروك، وهو أنّ الأصل دخولها وأخواتها على المبتدأ والخبر، مثل "كان"، فترك الأصل، ثم رجع إلى الأصل شذوذًا. (٢)

وتجيء "جَعَل" بمعنى "صيّر"؛ فيتعدّى إلى مفعولين، كقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} [النبأ: ١٠]. (٣)

وتجيء بمعنى "خلق"، كقوله تعالى: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: ١]. (٤)

وتجيء بمعنى "سمّى"، كقوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: ١٩]. (٥)

وبمعنى "ألقى"، كقوله تعالى: {وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ} [الأنفال: ٣٧] (٦). وهذا معناها هنا، أي: "فليلق في أنفه ماء"، أو بمعنى "صير"، أي: "فليصير


(١) صحيحٌ: البخاري (١٣٨٦)، من حديث سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ -رضي الله عنه-.
(٢) انظر: شواهد التوضيح (ص ١٣٥، ١٣٦).
(٣) انظر: البحر المحيط لأبي حيان (١/ ١٣٧)، الهمع للسيوطي (١/ ٥٣٩)، جامع الدروس العربية (١/ ٤٥).
(٤) انظر: عقود الزبرجد (١/ ٩٢)، شرح المفصل (١/ ٤٣).
(٥) انظر: البحر المحيط (٤/ ٦٣٩)، شرح المفصل (١/ ٤٣).
(٦) انظر: عقود الزبرجد (٣/ ١٩)، الكتاب (١/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>