للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يُروَى في لفظ أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينهى عن ذلك".

قوله: "عن قيل وقال": يُروَى بجرِّ "قيلٍ" و"قالٍ"، وتنوينهما، ويُروى ببنائهما على الفتح على وضعهما وحكايتهما كما يقوله القائل. والتنوين والجر فيه إعراب؛ لأنّه بدخُول حرف الجر عليهما صارا أشْهر، فيجران كغيرهما، كما لو سَمّيت بـ "سار" منقُولًا من "سار"، و "أحمد" إذا نكّرتهما.

قال ابنُ الأثير في "جامع الأصول": قال أبو عبيد في "قيلٍ" و "قالٍ": [نحوٌ] (١) وعربيةٌ، وذلك أنّه جعل "القال" مصدرًا، كأنه قال: "نهى عن قيلٍ وقولٍ" (٢).

قال ابنُ الأثير: "قولًا" و "قالًا" و"قيلًا" بمعنى.

قال غيره: لو كان هذا لقلَّت الفائدة؛ لأنَّ الثاني هو الأوّل، لأنهما إذا كانا بمعنى واحدٍ، فأيّ معنى للنهي عن شيءٍ واحد بلفظين؟ !

والأحسَن أن يكون على الحكاية، فيكُون النهي عن "قيلَ" فيما لا يصحّ ولا يُعلم حقيقته، فيقول المرء في حديثه: "قيل كذا"، كما جاء في الحديث الآخر: "بِئْسَ مَطيّةُ الرّجُلِ: زَعَمُوا" (٣). وإنما كان النّهي عن ذلك لإشغال الزّمان في التحدّث بما لا يصحّ ولا يجوز.

ويكُون النّهي عن "قال" فيما يشكّ في حقيقته وإسناده إلى غيره، لأنّه يشغَل الوَقت بما لا فائدة فيه، بل قد يكُون كَذبًا، فيأثم، ويضر نفسه وغيره.

أمَّا من تحقّق الحديث ويتحقّق مَن يُسنده إليه مما أباحَه الشّرع؛ فلا حرَج في


(١) انظر: غير واضح بالأصل. والمثبت من جامع الأصول.
(٢) انظر: جامع الأصول (١١/ ٧٢٢، ٥/ ٥٥).
(٣) صحيح: سنن أبي داود (٤٩٧٢)، من حديث حذيفة أو أبي مسعود، وصحّحه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٨٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>