للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إنْ"، ولهذا كان الجواب له، وهو "ما تبعوا قبلتك"، ولو كان للشرط لدخلت "الفاء"، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه، ومن ثم جاء فعل الشرط ماضيًا؛ لأنه إذا حذف جوابه وجب مُضيُّ فعله لفظًا أو معنى (١).

وقال الفراء: "إنْ" هنا بمعنى "لو" ولهذا أجيبت بما كان يجاب "لو" وعلى هذا: فجواب القسم عنده محذوف يدل عليه جواب "إن"، وهذا خلاف مذهب البصريين في استعمال "إن" بمعنى "لو"، وهو قليل؛ فلا ينبغي المصير إليه إذا أمكن بقاؤها على بابها، وفيه جعل الجواب للشرط، وإنْ تقدم القسم عليه، وهو مذهب الفراء والأخفش والزجاج، فالكلُّ من "لو" و"إنْ" تقوم إحداهما مقام الأخرى، ويجاب بما يجاب به (٢).

ومذهب سيبويه أن كلًّا منهما لا يجاب بما تجاب به الأخرى لاختلاف معناهما، والماضي الواقع جواب "لئن" يُقدَّر مستقبلا، أي: "لا يتبعُن"، [و"ليظلُّن"] (٣).

وقال ابن عطية: جاء جواب "لئن" كجواب "لو" وهي ضدها؛ لأن "لو" تطلب الماضي والوقوع، و"إن" تطلب الاستقبال، لأنهما جميعًا يترتب قبلهما القَسَم، والجواب إنما هو للقسم لأن أحد الحرفين يقع موقع الآخر، هذا قول سيبويه (٤).

وتُعقِّب (٥) أنّ في كلامه تثبيجًا وعدم نصّ على [المراد] (٦)؛ لأنَّ أوله يقتضي أن الجواب لـ "إنْ".


(١) انظر: البحر المحيط (٢/ ٢٦).
(٢) انظر: البحر المحيط (٢/ ٢٦).
(٣) بالنسخ: "وليضلن". ويقصد التقدير في قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ} [الروم: ٥١].
(٤) انظر: تفسير ابن عطية (١/ ٢٢٢).
(٥) انظر: البحر المحيط (٢/ ٢٧).
(٦) في الأصل: "أن المراد".

<<  <  ج: ص:  >  >>