للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا عيبَ فيهم غيرَ أنَّ سيوفَهم ... بهنَّ فلولٌ من قراعِ الكتائبِ (١)

لأنه إن لم يكن لهم عيب إلا هذا فهذا ليس بعيب فيهم، بل هو مدح. (٢)

قال ابن الأثير: "نَقِم من فلان الإحسان"، إذا "جعله مما يؤديه إلى كفر النعمة". ومعنى الحديث: أي: "ما ينقِم ابنُ جميل شيئًا من منع الزكاة إلا أنْ يكفر النعمة"، فكأنَّ غناه أدَّاه إلى كُفر نعمة الله (٣).

قوله: "إلا أنْ كان فقيرًا": الاستثناء مفرَّغ، و"نقِم" متعدٍّ بمعنى أنكر، قال الشيخ تقي الدين: أي: "ما أنكر إلا غناه" (٤).

وعلى قول ابن الأثير يُقدَّر ما بعد "إلا" بالإحسان، أي: "ما نقم ابنُ جميل من الله إلا الإحسان إليه"، وهما يرجعان إلى معنى واحد، فتكون "أنْ" مع صلتها في محل مفعول "ينقم" المقدر بـ "أنكر".

ويحتمل أن تكون "أنْ" وصلتُها في محل مفعول لأجله، وتكون "ينقم" بمعنى: "يعيب"، أي: "ما يعيب ابن جميل طلب الزكاة إلا أن أغناه".

وذكر أبو البقاء في قوله تعالى: {هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا} (٥) [المائدة: ٥٩] إعرابًا، فقال: ""منَّا" مفعول لـ "تنقمون"، و"إلا أنْ آمنا" هو المفعول الأول، فالاستثناء مفرَّغ له ما قبله.

قال: ولا يجوز أن تكون "مِنَّا" حالًا من "أنْ" والفعل لأمرين، أحدُهما: تقدُّم


(١) البيت من الطويل وهو للنابغة الذبياني. انظر: المعجم المفصل (١/ ٣٤٥)، تحرير التحبير (ص ١٣٣)، والبديع لابن المعتز (ص ١٥٧)، والحيوان (٤/ ٣٩٤).
(٢) انظر: إحكام الأحكام (١/ ٢٦١).
(٣) انظر: النهاية لابن الأثير (٥/ ١١٠، ١١١)، ولسان العرب (١٢/ ٥٩١).
(٤) انظر: إحكام الأحكام (١/ ٢٦١).
(٥) بالأصل: "وما تنقمون".

<<  <  ج: ص:  >  >>