للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ظرف مكان، ولا زائدة، خلافًا لزاعمي ذلك (١)، انتهى من كلام أبي حيّان.

ويظهر في "إذْ" هنا - كما تقدم - التعليل كما ذهب إليه القائل به، والتقدير: "وجدوا في أنفسهم لأجل أنه لم يصبهم ما أصاب الناس".

وعلى قول من منع تكون "إذ" هنا ظرفًا معمولًا لـ "وجدوا"، أي: "وجدوا في أنفسهم وقت تركهم وعدم استوائهم مع غيرهم".

قوله: "ما أصاب الناس": "ما" بمعنى "الذي" فاعل، والتقدير هنا: "إذ لم يصبهم مثل ما أصاب الناس"، فحذف المضاف، أو يكون المراد أنَّ الذي أصاب الناس كان لهم فيختصون به دون من قسم له من غيرهم، فلا يحتاج إلى تقدير "مثل"، والأول أظهر؛ لأنهم ما نقموا إلا أن يكون غيرُهم يُعْطَى دونهم.

قوله: "فخطبهم": "الفاء" سببية، وفاعل "خطبهم" ضمير يعود على "النبي - صلى الله عليه وسلم -".

يقال: "خطب على المنبر"، "خُطبة"، بضم الخاء، و"خَطَب المرأةَ"، "خِطْبَةً"، بكسر الخاء. ومعنى "خطب الناس": "وعظ الناس".

ثم فسَّر "الخُطبة" بلفظ خاص يتعلق بتلك الواقعة: "يا معشر الأنصار، ألم أجدْكم ضُلَّالا"؛ لأن خُطَبَه - صلى الله عليه وسلم - بحسب الوقائع والنوازل، وتقدم الكلام على تعدِّي "خطب" في الحديث الرّابع من "صلاة الجمعة".

قوله: "ألم أجدكم ضُلَّالا": "ألم" للتقرير والتوبيخ.

وقوله: "ضُلَّالا": قال في "النهاية" لابن الأثير: "أضللته" إذا "ضيعته"،


(١) انظر: البحر المحيط (١/ ٢٢٢). ولمزيد من التفصيل عن (إذ) وأحكامها، راجع: الجنى الداني (ص/ ١٨٥)، وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>