للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم" (١).

فالحديث دل على أن كل مولود يولد على الفطرة، والفطرة هي الإسلام - كما سيأتي (٢) - والإسلام متضمن لمعرفة الله والإقرار به.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل من نحلته عبدًا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا" (٣).

فالحديث دل على أن الله تعالى خلق الخلق على الحنيفية، والحنيفية هي الإسلام، ومن مقتضياته أن الله تعالى خلق الخلق مقرين به معترفين بربوبيته (٤).

وأما الفطرة: فإن الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم يلجؤون إلى الله تعالى حال الشدة والكرب، وذلك يدل على أن الخلق كلهم على اختلاف أديانهم مفطورون على معرفة الله سبحانه والإقرار به (٥).

وأما العقل: فمن المعلوم أن كل نفس قابلة للعلم وإرادة الحق، ومعلوم أن مجرد التعليم والتحضيض لا يوجب العلم والإرادة، لولا أن في النفس قوة تقبل ذلك، وإلا فلو عَلَّم أحدٌ البهائم والجمادات وحضها، لم يحصل لها ما يحصل لبني آدم مع أن السبب في الموضعين واحد، فعلم أن ذلك لاختلاف القوابل.


(١) أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟ (١/ ٤٠٣) برقم (١٣٥٨)، ومسلم، كتاب القدر باب معنى كل مولود يولد على الفطرة (٤/ ٢٠٤٧) برقم (٢٦٥٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - به.
(٢) انظر: (ص ١٢٤).
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار (٤/ ٢١٩٧) برقم (٢٨٦٥)، من حديث عياض بن حمار المجاشعي - رضي الله عنه - به.
(٤) انظر: التمهيد (١٨/ ٧٥)، درء التعارض (٨/ ٣٦٩)، مجموع الفتاوى (١٦/ ٣٤٥).
(٥) انظر: درء التعارض (٨/ ٥٣٢ - ٥٣٣).

<<  <   >  >>