للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام، وأبو هريرة - رضي الله عنه - أعلم بمعنى ما سمع (١).

٣ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر ملل الكفر دون الإسلام فقال: يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، ولم يقل يسلمانه؛ فدل ذلك على أن الفطرة هي الإسلام وأنه يتحول منه إلى غيره بفعل الأبوين أو غيره (٢).

وقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه عز وجل: "وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا ... " (٣).

"والحنيف في كلام العرب: المستقيم المخلص، ولا استقامة أكثر من الإسلام" (٤).

والمراد بتفسير الفطرة بالإسلام أن الفطرة فيها قوة موجبة ومستلزمة للإقرار بالله عز وجل، ومحبته سبحانه، والذل والخضوع له، والإخلاص إليه، لا أن المولود يولد عالمًا بالإسلام عاملًا به.

يقول العلامة ابن القيم رحِمهُ الله: "ومما ينبغي أن يُعلم أنه إذا قيل إنه يولد على الفطرة، أو على الإسلام، أو على هذه الملة، أو خلق حنيفًا، فليس المراد به أنه حين يخرج من بطن أمه يعلم هذا الدين ويريده، فإن الله يقول: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: ٧٨].

ولكن فطرته موجبة مقتضية لدين الإسلام لقربه، فنفس الفطرة تستلزم الإقرار بخالقه ومحبته وإخلاص الدين له، وموجبات الفطرة ومقتضياتها تحصل شيئًا بعد شيء بحسب كمال الفطرة إذا سلمت من المعارض ...

وليس المراد أيضًا مجرد قبول الفطرة لذلك ... بل المراد أن كل مولود فإنه يولد على محبة فاطره وإقراره له بربوبيته وادعائه له بالعبودية، فلو خُلِّي وعدم المعارض لم يعدل عن ذلك إلى غيره ... " (٥).


(١) انظر: درء التعارض (٨/ ٣٧١).
(٢) انظر: المصدر السابق (٨/ ٣٧٢).
(٣) سبق تخريجه (ص ١١٣).
(٤) التمهيد (١٨/ ٧٥)، وانظر: درء التعارض (٨/ ٣٦٩).
(٥) شفاء العليل (٢/ ٧٨٩ - ٧٩٠).

<<  <   >  >>