للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخلاف في ذلك كله فرع عن الخلاف في حقيقة التقليد ومعنى النظر.

يقول العلامة المعلمي (١) رحِمهُ الله: "والحاصل أن علماء السلف لما حرموا النظر في علم الكلام، عارضهم المخالفون بادّعاء وجوبه، ولما قال بعض علماء السلف إن النظر في علم الكلام كفر أو مظنة الكفر؛ عارضهم المخالفون بزعم أن من لم يعرف علم الكلام فهو مقلد ولا إيمان لمقلد وأشاعوا هذه المقالة حتى استقر في كثير من الأذهان أن التقليد مرادف لعدم النظر في علم الكلام.

وبهذا صار التقليد يطلق على معنيين، كما أن النظر كذلك:

فعامة القائلين بوجوب النظر إنما يعنون النظر على طريقة السلف، وهو أمر متيسر لكل أحد حتى العامة، والقائلون بأن النظر لا يجب وهو حرام، إنما يعنون النظر على طريقة المتكلمين.

والقائلون بأنه لا يكفي التقليد، إنما يعنون التقليد بمعناه الحقيقي، وهو العمل بقول من ليس قوله إحدى الحجج بلا حجة، والقائلون بأنه يكفي التقليد، إنما عنوا به التقليد بمعناه المخترع، وهو الاقتصار على النظر على طريقة السلف بدون نظر في علم الكلام" (٢).

والراجح - والله أعلم - أن التقليد في أصول الدين يختلف حكمه باختلاف المراد بالتقليد، ومعنى النظر، وحال المقلد من حيث سلامته من


= أصول الأحكام لابن حزم، المستصفى (٤/ ١٣٩)، إحكام الأحكام للآمدي (٤/ ٣٠٠)، المسودة (ص ٤٥٧)، مجموع الفتاوى (٢٠/ ١٨، ٢٠٢)، فتح الباري (١٣/ ٣٤٩)، شرح الكوكب المنير (٤/ ٥٣٣)، الدين الخالص (١/ ١٣٣)، لوامع الأنوار البهية للسفاريني (١/ ٢٦٧)، أضواء البيان (٧/ ٤٨٦).
(١) هو عبد الرحمن بن يحيى بن علي بن أبي بكر المعلمي العُتمي اليماني، أبو عبد الله، من أعلام المحدثين المتأخرين، من مؤلفاته: التنكيل لما ورد في تأنيب الكوثري من الأباطيل، علم الرجال وأهميته، مقام إبراهيم، توفي سنة ١٣٨٦ هـ. انظر: الأعلام (٣/ ٣٤٢)، معجم المؤلفين (٢/ ١٢٦).
(٢) رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله وتحقيق معنى التوحيد والشرك بالله للمعلمي (ص ٧٥).

<<  <   >  >>