للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ الله: "أما في المسائل الأصولية فكثير من المتكلمة والفقهاء من أصحابنا وغيرهم من يوجب النظر والاستدلال على كل أحد .... وأما جمهور الأمة فعلى خلاف ذلك، فإن ما وجب علمه إنما يجب على من يقدر على تحصيل العلم، وكثير من الناس عاجز عن العلم بهذه الدقائق، فكيف يكلف العلم بها" (١).

ويقول العلامة السفاريني رحِمهُ الله: "الحق الذي لا محيد عنه ولا انفكاك لأحد منه صحة إيمان المقلد تقليدًا جازمًا صحيحًا، وأن النظر والاستدلال ليسا بواجبين، وأن التقليد الصحيح محصل للعلم والمعرفة، نعم يجب النظر على من لا يحصل له التصديق الجازم أول ما تبلغه الدعوة" (٢).

وأما ما ذكره من أن القول بمنع التقليد في أصول الدين كذب على أبي الحسن الأشعري، فهو مما اختلف فيه أصحابه من بعده:

فمنهم: من أثبت ذلك عنه، وتابعه عليه (٣).

ومنهم: من أثبت ذلك عنه، وشنع به عليه (٤).

ومنهم: من أثبت ذلك عنه، وتأوله بالمقلد الشاك دون الجازم (٥)، وهو مردود بأن الخلاف فيمن كان تقليده جازمًا، وأما الشاك فمتفق على عدم صحة إيمانه (٦).

ومنهم: من أنكر ذلك عنه، وعده من الكذب عليه، ومن هؤلاء القشيري الذي نقل ابن حجر عنه تكذيبه لذلك وارتضاه لنفسه.

ونص كلامه: "وأما ما قالوا إن الأشعري يقول بتكفير العوام، فهو كذب وزور، وقصد من يتعنت بذلك تحريش الجهلة، والذين لا تحصيل لهم عليه، كعادة من لا تحصيل له في تقوّله بما لا أصل له، وهذا أيضًا


(١) مجموع الفتاوى (٢٠/ ٢٠٢).
(٢) لوامع الأنوار البهية (١/ ٢٦٩).
(٣) انظر: أصول الدين للبغدادي (ص ٢٥٥).
(٤) انظر: البحر المحيط للزركشي (٦/ ٢٨٨)، جمع الجوامع (٢/ ٤٠٤).
(٥) انظر: جمع الجوامع (٢/ ٤٠٤).
(٦) انظر: تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد (ص ٣٦).

<<  <   >  >>