للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من تلبيسات الكرامية (١) ... " (٢)، وقد تُعقِّب قوله هذا بكون ذلك مشتهرًا عنه فلا وجه لتكذيبه (٣).

وقد بحثت في كتب الأشعري رحِمهُ الله وكتب المحققين من أهل المقالات كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم لَعلّي أظفر بشيء، فلم أجد شيئًا يدل على نسبة ذلك له أو نفيه عنه، والأشاعرة أنفسهم مختلفون في هذه المسألة على ستة أقوال (٤)؛ مما يجعل كلامهم في ذلك غير معتمد.

وقول ابن حجر رحِمهُ الله إن خلاف الباقلاني والإسفراييني وأبي المعالي في أول قوليه، وقولهم بمنع التقليد في أصول الدين وعدم صحة إيمان المقلد مما تابعوا فيه ما ابتدعه المعتزلة وأحدثوه بعد انقضاء أئمة السلف قول صحيح، إلا أن تأثرهم في ذلك بالمعتزلة فرع عن تأثرهم بهم في قولهم بأن معرفة الله نظرية كسبية لا ضرورية فطرية وأن أول واجب على المكلف النظر أو القصد إليه وهو ما يوافقهم عليه ابن حجر - كما سبق (٥) - فهم طردوا قولهم وتابعوا المعتزلة في الجميع، وأما ابن حجر فقد تابع المعتزلة في القول بأن معرفة الله نظرية كسبية وأنها والطريق المؤدي إليها من النظر أو القصد إليه أول واجب على المكلف وخالفهم في إيمان المقلد فوقع في التناقض.

وهذا التناقض لا يخص ابن حجر وحده بل يصدق عليه وعلى من


(١) الكرامية: هم أتباع أبي عبد الله محمد بن كرام السجستاني المتوفى سنة ٢٥٥ هـ، لهم بدع كثيرة، منها: القول بالتجسيم والقول بالإرجاء حيث يزعمون أن الإيمان مجرد الإقرار باللسان فقط.
انظر: مقالات الإسلاميين (١/ ٢٢٣)، الفرق بين الفرق (ص ٢١٥)، الملل والنحل للشهرستاني (١/ ١٠٨)، التبصير في الدين (ص ٩٣)، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص ١٠١)، البرهان (ص ٣٥).
(٢) شكاية أهل السنة (ضمن طبقات الشافعية الكبرى) (٣/ ٤١٩).
(٣) انظر: البحر المحيط للزركشي (٦/ ٢٧٨).
(٤) انظر: أصول الدين للبغدادي (ص ٢٥٥)، شرح المقاصد (٥/ ٢١٨)، تحفة المريد (ص ٣٤ - ٣٥).
(٥) انظر: (ص ١٠٩).

<<  <   >  >>