للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الحافظ ابن كثير رحمه اللهُ: "يأمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون لغير اسمه أنه مخالف لهم في ذلك فإن صلاته ونسكه على اسمه وحده لا شريك له.

وهذا كقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢)} أي: أخلص له صلاتك وذبحك فإن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها، فأمره الله تعالى بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه والإقبال بالقصد والنية والعزم على الإخلاص لله تعالى" (١).

ولهذا وردت السنة بلعن من ذبح لغير الله والتغليظ عليه.

يقول - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله من ذبح لغير الله" (٢).

وقد أجمع أهل العلم على تحريم ذبيحة من ذبح لغير الله أو ذكر عليها غير اسمه، وأن ذلك كله داخل في قوله سبحانه: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٧٣]، وقوله عز وجل: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: ٣] (٣).

ومما تقدم يتبيّن صحة ما ذهب إليه ابن حجر رحمه اللهُ من تحريم الذبح لغير الله أو على غير اسمه، وأن ذلك مما يحرم الذبيحة.

وأما ما يوحي به ظاهر كلامه من التفريق بين الذبِح لغير الله بقصد التعظيم بالعبادة وبين ما هو دون ذلك، وكون الأول كفرًا مخرجًا من الملة دون الثاني، فهو متعقب بما يلي:

١ - أن الذبح لمعظم والاستعانة بذكر اسمه لا يمكن أن يقعا إلا بقصد التعظيم بالعبادة؛ إذ لا معنى لهما غيره، فلو لم يكن يعظمه تعظيم عبادة وخوف ورجاء ومحبة لِمَا ذبح له أو استعان بذكر اسمه، فلا يتخيل في الذبح والاستعانة تعظيم لا يكون عبادة (٤).


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٢٢٢).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله ولعن فاعله (٣/ ١٥٦٧) برقم (١٩٧٨) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - به.
(٣) انظر: تفسير ابن جرير (٢/ ٨٩).
(٤) انظر: تطهير الاعتقاد (ص ٣٣)، شرح الصدور بتحريم رفع القبور للشوكاني (ص ٢٠).

<<  <   >  >>