للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اعتقد أن الكواكب مؤثرة في هذا العالم أو أن الإنسان يصل بالتصفية إلى أن تصير نفسه مؤثرة في إيجاد جسم أو حياة أو تغيير شكل ...

وأما بقية أنواعه:

فقال جماعة: إنها كفر مطلقًا؛ لأن اليهود لَمّا أضافوا السحر لسليمان -صلى الله على نبينا وعليه وسلم- قال تعالى تنزيهًا له عنه: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: ١٠٢]، فظاهر هذا أنهم إنما كفروا بتعليمهم السحر، لأن ترتيب الحكم على الوصف المناسب يشعر بعلِّيته وتعليم ما لا يكون كفرًا لا يوجب الكفر، وهذا يقتضي أن السحر على الإطلاق كفر، وكذا يقتضي ذلك قوله تعالى عن الملكين: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} [البقرة: ١٠٢].

وأجاب القائلون بعدم الكفر كالشافعي - رضي الله عنه - وأصحابه بأن حكاية الحال يكفي في صدقها صورة واحدة، فيحمل على سحر من اعتقد إلهية النجوم، وأيضًا فلا نسلم أن ذلك فيه ترتيب حكم على وصف يقتضي إشعاره بالعلّية؛ لأن المعنى أنهم كفروا وهم مع ذلك يعلمون السحر" (١).

وبيّن ابن حجر بعد ذلك مذهبه في السحر ورأيه في فاعله فقال: "مذهبنا في السحر حاصله أنه إن اشتمل على عبادة مخلوق كشمس أو قمر أو كوكب أو غيرها أو السجود له أو تعظيمه كما يعظم الله سبحانه، أو اعتقاد إباحة السحر بجميع أنواعه كان كفرًا وردة فيستتاب الساحر فإن تاب وإلا قتل" (٢)، "فإن خلا عن ذلك كان حرامًا لا كفرًا فهو بمجرده لا يكون كفرًا ما لم ينضم إليه مكفر" (٣).

التقويم:

السحر في اللغة: مصدر سَحَرَ، يَسْحَرُ، سِحْرًا.

يقول ابن فارس: "السين والحاء والراء أصول ثلاثة متباينة:


(١) الزواجر (٢/ ١٠٤).
(٢) الإعلام بقواطع الإسلام (ص ٣٠٣).
(٣) المصدر السابق (ص ١٩٧)، وانظر: التعرف (ص ٧١).

<<  <   >  >>