للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها ما هو جائز: كالاستدلال بها على منازل القمر وعروض البلاد ونحوهما.

ومنها ما هو حرام: كالاستدلال بها على وقوع الأشياء المغيبة بأن يقضي بوقوع بعضها مستدلًا بها عليه" (١).

وقال في بيان المنهي عنه من علم النجوم: "المنهي عنه من علم النجوم هو ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية في مستقبل الزمان كمجيء المطر، ووقوع الثلج، وهبوب الريح، وتغيّر الأسعار، ونحو ذلك، يزعمون أنهم يدركون ذلك بسير الكواكب لاقترانها وأفتراقها وظهورها في بعض الأزمان، وهذا علم استأثر الله به لا يعلمه أحد غيره، فمن ادعى علمه بذلك فهو فاسق بل ربما يؤدي به ذلك إلى الكفر" (٢).

وبيّن أن دعوى الكسوف والخسوف وقرب نزول الغيث وما شابه ذلك مما هو معتمد على أمور جعلها الله علامات على حصول تلك الأشياء ليس من ادعاء علم الغيب أو التنجيم المنهي عنه، حيث قال: "أما من يقول إن الاقتران والافتراق الذي هو كذا جعله الله علامة بمقتضى ما اطردت به عادته الإلهية على وقوع كذا وقد يتخلف فإنه لا إثم عليه بذلك" (٣).

وقال أيضًا: "دعوى الكسوف والخسوف ليست من علم الغيب في شيء، لأنه يُدركه بالحساب فلا ضلال فيه ولا كفر، لكن يكره الاشتغال به لأنه مما لا يعني، وفي الخبر به قبل وروده ضرر في الدين ... " (٤).

وذكر ابن حجر اختلاف العلماء في المنجم، وبيّن رأيه فيه فقال: "وحاصل مذهبنا في ذلك أنه متى اعتقد أن لغير الله تأثيرًا كفر فيستتاب فإن تاب وإلا قتل سواء أسرَّ بذلك أم أظهره"، وكذا لو اعتقد أنه يعلم الغيب المشار إليه بقوله تعالى: {لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: ٥٩] لأنه مكذب للقرآن، فإن خلا عن اعتقاد هذين فلا كفر، بل ولا إثم إن قال علمت ذلك


(١) الفتاوى الحديثية (ص ٦٨).
(٢) الزواجر (٢/ ١١٠) وانظر: الإعلام بقواطع الإسلام (ص ٣٠٤).
(٣) الزواجر (٢/ ١١٠).
(٤) الفتاوى الحديثية (ص ٣٧٢).

<<  <   >  >>