للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: مباح ...

والآخر: محظور ... " (١).

وكذا ما ذكره من كون العلم بالكسوف والخسوف ونحوهما ليس من ادعاء علم الغيب ولا من التنجيم المنهي عنه إذا لم يجزم بذلك أو ادعى أن النجوم فاعلة بنفسها؛ لأن ذلك مما يعلم بالحساب والمشاهدة وليست بأمور خفية، كما يعلم وقت طلوع الهلال بالحساب، ويعلم وقت نزول المطر بمشاهدة الرياح، وهذا من ربط الأسباب بمسبباتها، والأمور بمقدماتها وليس من التنجيم في شيء، كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٥٧)} [الأعراف: ٥٧]، وقال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (٤٨)} [الفرقان: ٤٨]. وقال عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦)} [الروم: ٤٦]، ولأن فاعل ذلك لا يجزم بما يقول، أو يدعي أن النجوم فاعلة بنفسها، وإنما يخبر بما يغلب على ظنه معتمدًا على حسابه أو مشاهدته ولهذا يقع الخطأ كثيرًا في خبره (٢).

والقول: بكفر المنجم -كما ذكر ابن حجر- هو الذي عليه أهل السنة والجماعة؛ إذ فعله يتضمن دعوى مشاركة الله تعالى في علم الغيب الذي اختص به، والكفر بما أخبر به جل وعلا من كون الغيب لا يعلم به أحد سواه كما قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦)} [الجن: ٢٦]،


(١) القول في علم النجوم (ص ١٢٦).
(٢) انظر: الفتاوى الكبرى لابن تيمية (١/ ٣٢٠ - ٣٢١)، شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للشيخ عبد الله الغنيمان (١/ ١١٢)، التنجيم والمنجمون (ص ٣٠٥)، مقدمة محقق القول في علم النجوم (ص ٩١).

<<  <   >  >>