للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقوله تعالى: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: ٤] على أن المراد بها بزعمهم الخط، وقوله بأن هذا التفسير غير متعين، وعلى فرضه فالمراد به إظهار عجزهم عن الإتيان بما يشهد لقولهم الباطل مما يؤمنون به وإن لم يكن حجة في نفسه، فهو قول المحققين من أهل التفسير (١).

يقول الإمام ابن جرير (٢) رحمه اللهُ بعد ذكره أقوال المفسرين في الآية: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: الأثارة: البقية من علم، لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب ... وإذا وجه ذلك إلى ما قلنا فيه من أنه بقية من علم، جاز أن تكون تلك البقية من علم الخط، ومن علم استثر من كتب الأولين، ومن خاصة علم كانوا أوثروا به ... فتأويل الكلام إذن: ائتوني أيها القوم بكتاب من قبل هذا الكتاب بتحقيق ما سألتكم تحقيقه من الحجة على دعواكم صحة ما تدّعون لآلهتكم، أو ببقية من علم يوصل بها إلى علم صحة ما تقولون" (٣).

وأما ما أجاب به عما استدلوا به من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك"، وكون ذلك محمول على تأويلات عدة ذكر بعضًا منها، فهو جواب غيره من أهل العلم حيث تأولوا الحديث على تأويلات كثيرة (٤)، وأولى هذه التأويلات بالقبول هو أن علم الرمل والخط مباح لمن وافق خط ذلك النبي بيقين، وأنه لا سبيل إلا اليقين في ذلك لتوقفه على النص الصريح في كيفيته عنه - صلى الله عليه وسلم -، أو النقل المتواتر من زمن


(١) انظر: تفسير ابن جرير (١١/ ٢٧٣)، تفسير السمعاني (٥/ ١٤٩)، تفسير البغوي (٧/ ٢٥١)، تفسير ابن كثير (٤/ ١٦٤).
(٢) هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير، أبو جعفر الطبري، الإمام المفسر، أحد أعلام السلف، له مصنفات منها: جامع البيان في تأويل آي القرآن، وتاريخ الأمم والملوك، وصريح السنة وغيرها، توفي سنة ٣١٠ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (١٤/ ٢٦٧)، شذرات الذهب (٢/ ٢٦٠).
(٣) تفسير ابن جرير (١١/ ٢٧٣).
(٤) انظر: شرح السنة للبغوي (١٢/ ١٨٤)، معالم السنن (٥/ ٣٧٤)، أحكام القرآن لابن العربي (٤/ ١٢٥)، شرح صحيح مسلم للنووي (٥/ ٢٣)، إكمال الإكمال (٢/ ٢٤٠)، الرد على من ذهب إلى تصحيح علم الغيب من جهة الخط (ص ٤٢) وما بعدها.

<<  <   >  >>