للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما لم يقصد به التعظيم والتبرك بصاحب القبر أو على ما لم يكن فيه إسراف وتبذير.

يقول في ذلك: "يحمل قول أصحابنا: بكراهة ذلك على ما إذا لم يقصد به تعظيمًا وتبركًا بذي القبر" (١).

ويقول: "كلام أصحابنا ... مصرح بكراهتها دون حرمتها، فضلًا عن كونها كبيرة، فليحمل [أي: عد اتخاذ السرج على القبور من الكبائر] ... على ما إذا عظمت مفاسدها ... كأن يسرف في الإيقاد عليها لأنه من التبذير والإسراف وإنفاق المال في المحرمات" (٢).

ويقول أيضًا: "نعم صرح أصحابنا بحرمة السراج على القبر وإن قلّ حيث لم ينتفع به مقيم ولا زائر وعللوه بالإسراف وإضاعة المال والتشبه بالمجوس (٣) فلا يبعد في هذا حينئذ أن يكون كبيرة" (٤).

التقويم:

اتخاذ السرج على القبور وسيلة إلى عبادتها وتعظيمها، والتذلل والخضوع لها، وسؤالها ما لا يقدر عليه إلا الله؛ ولهذا ورد النهي عن ذلك ولعن فاعله، وعده جمع من أهل العلم من كبائر الذنوب، وحكى الإجماع على تحريمه غير واحد منهم (٥).

فقد رُوي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-


(١) الزواجر (١/ ١٤٩).
(٢) المصدر السابق (١/ ١٦٦).
(٣) المجوس: هم قوم يدينون بالمجوسية وهي إحدى النحل الوثنية القديمة الوارد ذكرها في القرآن الكريم، يقولون بخالقين: خالق الخير وهو النور، وخالق الشر وهو الظلمة، وكانوا يعبدون النار، وقد عدهم بعض العلماء من أهل الكتاب، والصحيح أنهم ليسوا أهل كتاب.
انظر: الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٢٣٣)، اعتفادات فرق المسلمين والمشركين (ص ١٣٤)، التبصير في الدين (ص ١٢٦)، البرهان في عقائد أهل الأديان (ص ٩٠).
(٤) الزواجر (١/ ١٦٦).
(٥) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٦٧٧)، إغاثة اللهفان (١/ ١٨٨)، زاد المعاد لابن القيم (١/ ٥٢٥)، الدرر السنية (٥/ ١٠٤، ١٢٥)، تيسير العزيز الحميد (ص ٣٤٧)، فتح المجيد (١/ ٤٢٠ - ٤٢١).

<<  <   >  >>