للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولاحقهم وأولهم وآخرهم من لدن الصحابة -رَحِمَهُ اللهُ- إلى هذا الوقت أن رفع القبور والبناء عليها بدعة من الباع التي ثبت النهي عنها، واشتد وعيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لفاعلها، ولم يخالف في ذلك أحد من المسلمين أجمعين" (١).

وبناء على ما سبق فما ذكره ابن حجر من النهي عن البناء على القبور موافق لِمَا دلّت عليه النصوص الشرعية، وما ذهب إليه عامة أهل العلم سلفًا وخلفًا.

وأما تفريقه بين البناء على القبور في المقبرة المسبلة أو الموقوفة والمقبرة المملوكة وقوله بتحريم الأول وكراهة الثاني، فهو مما تابع فيه بعض الشافعية (٢)، وهذا القول متعقب بما يلي:

١ - أن النصوص الواردة في النهي عن البناء على القبور عامة مطلقة فتخصيصها أو تقييدها بالمقابر المسبلة أو الموقوفة دون المقابر المملوكة يحتاج إلى دليل، ولا دليل يدل على التخصيص أو التقييد (٣).

٢ - أن العلة التي علل بها الفقهاء النهي عن البناء على القبور كون ذلك وسيلة إلى الشرك، ومشابهة لأهل الكتاب والمشركين، وإضاعة للمال بلا فائدة، واتخاذًا للزينة والخيلاء في غير موضعها (٤)، وهذه العلل متحققة في البناء على القبور سواء أكانت تلك القبور في مقابر مسبلة أو مملوكة.

وبهذا يعلم أن تعليل النهي عن البناء على القبور بكون ذلك يتضمن تحجير الأرض ومنع الناس من الاستفادة منها، والاعتماد في التفريق بين


= شرح الصدور في تحريم رفع القبور، توفي سنة ١٢٥٠ هـ.
انظر: البدر الطالع (٢/ ٢٠٤)، الأعلام (٦/ ٢٩٨).
(١) شرح الصدور في تحريم رفع القبور (ص ٧).
(٢) انظر: شرح صحيح مسلم (٢٧/ ٧).
(٣) انظر: نيل الأوطار للشوكاني (٧٨/ ٥، ٧٩، ٨١)، والبناء على القبور للمعلمي (ص ٥٥).
(٤) انظر: بدائع الصنائع (١/ ٣٢٠)، تفسير القرطبي (١٠/ ٣٨٠)، الأمم للشافعي (١/ ٣٦٧)، المغني لابن قدامة (٢/ ٣٨٨)، السيل الجرار للشوكاني (١/ ٣٦٧).

<<  <   >  >>