للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن (١) -رَحِمَهُ اللهُ-: "ثبت بالكتاب والسنة النهي عن ذلك أشد النهي، وقرر الفقهاء منع الكتابة على القبور والقباب وعلى جدران المساجد ونحوها، ولم يكن أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا خلفائه الراشدين، ولا أهل القرون المفضلة يفعل ذلك، لا في حياته، ولا بعد مماته ... " (٢).

وبناء على ذلك فما قرره ابن حجر -غفر الله له- من كراهة الكتابة على القبور أو التفصيل فيها مردود بكون النهي عن ذلك يقتضي التحريم مطلقًا، لا الكراهة أو التفصيل المذكور؛ إذ الأصل في النهي التحريم إلا أن يصرفه صارف إلى الكراهة، ولا صارف له هنا.

وتحريم الكتابة على القبور يتفاوت بتفاوت المكتوب، فليست كتابة الشرك الصراح كدعاء المقبور ورجائه والاستغاثة به ككتابة الآيات والأحاديث على قبره، كما أن كتابة الآيات والأحاديث على القبر ليست ككتابة اسم المقبور وتاريخ وفاته، وإن كانت كلها تشترك في التحريم.

وأما قوله بجواز كتابة اسم الميت على قبره، فمتعقب بكون النهي عن ذلك عامًّا في كل مكتوب، فلا يخصص إلا بدليل، وزعمه بأنه يجوز أن يستنبط من النص ما يخصصه لا يستقيم؛ إذ لو سلم ذلك لادعى كل مدعٍ تخصيص عمومات الكتاب والسنة مما لا يوافق هواه بدعوى استنباطه ما يخصصها.

وقد سئل الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين (٣) عن كتابة


(١) هو عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، النجدي الأزهري، من أعلام الدعوة السلفية الإصلاحية في نجد، من مؤلفاته: منهاج التأسيس في كشف شبهات داود بن جرجيس، ومصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام، وعيون المسائل وغيرها، توفي سنة ١٢٩٣ هـ.
انظر: علماء الدعوة (ص ٤٧)، الأعلام (٤/ ١٨٢).
(٢) مصباح الظلام (ص ٢٤٧).
(٣) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الرحمن أبو بطين، من أعلام الدعوة السلفية في نجد، وأحد فقهاء الحنابلة المتأخرين، من مؤلفاته: الانتصار لحزب الله الموحدين، وتأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس، وتعليقات على لوامع =

<<  <   >  >>