للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه الدلالة منه أن الصحابي الذي روى الحديث قد فهم أن الطور وأمثاله من مقامات الأنبياء داخلة في عموم النهي، وأنه لا يجوز السفر إليها، وقد أقره أبو هريرة على فهمه فلم ينكر عليه ذلك.

٥ - إجماع المتقدمين من أهل العلم على أن السفر إلى غير المساجد الثلاثة كزيارة القبور ليس مستحبًا ولا قربة ولا طاعة، وإن اختلفوا هل هو جائز أم لا، فالقول باستحباب ذلك خرق لإجماعهم، وخروج عن قولهم (١).

الثاني: ضعف الأدلة التي استدل بها القائلون بالاستحباب -والتي ذكر بعضها ابن حجر- وإمكان الإجابة عنها، وفيما يلي مناقشة الأدلة التي ساقها ابن حجر لتدعيم قوله وتأييد مذهبه:

أما استدلاله بدلالة الكتاب، فقد ذكر عليها دليلين:

١ - قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: ٦٤].

ووجه الدلالة عنده -كما سبق- أن الآية دلت على الحث على المجيء إليه -صلى الله عليه وسلم- والاستغفار عنده واستغفاره لمن جاء إليه، وأن هذا لا ينقطع بموته.

فالجواب عنه: أن الآية ليس فيها دلالة على ما ذكره، بل إن الآية تدل على نقيض قوله.


= والطبراني في الكبير (٢/ ٢٧٧) برقم (٢١٦٠) من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أبي بصرة -رضي الله عنه- بنحوه.
وأخرجه أحمد (٤٥/ ٢٠٦) برقم (٢٧٢٣٠)، والطبراني في الكبير (٢/ ٢٧٧) برقم (٢١٦١) من طريق مرثد بن عبد الله اليزني، عن أبي بصرة -رضي الله عنه- بنحوه.
والحديث صحيح، وقد صححه جمع من أهل العلم، منهم الإمام الترمذي حيث قال بعد إخراجه له مختصرًا: "وهذا حديث صحيح"، كما صححه الحافظ ابن حجر في الإصابة (١/ ٤٤٩)، والعلامة الألباني في إرواء الغليل (٣/ ٢٢٨).
(١) انظر: الرد على الإخنائي (ص ١٣، ٤٨، ١٧٣).

<<  <   >  >>