للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لها هؤلاء الغلاة العصاة" (١).

٢ - قوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: ١٠٠].

ووجه الدلالة عنده -كما سبق- أن من خرج لزيارة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصدق عليه أنه خرج مهاجرًا إلى الله ورسوله، وزيارته -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته كزيارته في حياته، وزيارته في حياته داخلة في الآية الكريمة قطعًا، فكذلك بعد وفاته.

والجواب عنه: أن الاستدلال بالآية على القول باستحباب شد الرحال لمجرد زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- "مردود من وجوه:

أ- أن الآية واردة في الهجرة من دار الشرك إلى دار الإسلام، يدل عليه سياق الآية وسباقها ... ويدل عليه أيضًا شأن نزولها ... ويدل عليه أيضًا معنى الهجرة ... فلا بد في معنى الهجرة من أمرين، الأول:

الخروج من أرض إلى أرض، والثاني: ترك الأولى للثانية، والخروج لزيارة النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته يتحقق فيه الأمر الأول لا الثاني.

ب- أن مثل من يستدل بهذه الآية على كون الزيارة قربة كمثل من يستدل على كون الزيارة قربة بجميع الآيات والأحاديث التي ورد فيها ذكر الهجرة ... مع أن أحدًا من أهل العلم والدين لم يستدل بهذه الأحاديث والآيات على كون الزيارة قربة.

ج- أنه لو سُلِّم دخول زيارته -صلى الله عليه وسلم- في الآية الكريمة في الحياة، فلا نسلم دخول زيارته -صلى الله عليه وسلم- بعد الممات فيها، والأحاديث الدالة على أن زيارته -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته كزيارته في حياته لم يثبت واحد منها" (٢).

وأما استدلاله بدلالة السنة، فقد ذكر منها دليلين إجماليين، وأفاض في ذكر الأدلة التفصيلية التي يرجع حاصلها إلى ما ذكر من الدليلين


(١) الصارم المنكي (ص ٣١٧ - ٣١٨)، وانظر: صيانة الإنسان للهسواني (ص ٢٣ - ٤١)، والكشف المبدي للفقيه (ص ١٢٥ - ١٣٤)، وأوضح الإشارة للنجمي (ص ٤٩٤).
(٢) صيانة الإنسان (ص ٤٢) وما بعدها.

<<  <   >  >>