للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما استدلاله بدلالة الاجماع، وزعمه أن جماعة من الأئمة قد نقلوا الاجماع على مشروعية شد الرحال لمجرد زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن الخلاف بينهم إنما هو في كون ذلك واجبًا أو مندوبًا.

فالجواب عنه من وجهين:

١ - أن المقصود بقول من قال باستحباب السفر لزيارة قبره -صلى الله عليه وسلم- أو حكى الإجماع على ذلك من المتقدمين هو استحباب السفر إلى مسجده -صلى الله عليه وسلم- للصلاة فيه ويتبع ذلك زيارة قبره -صلى الله عليه وسلم- ومما يدل على ذلك أن لفظ إتيان القبر، وزيارته، والسفر إليه، يتناول من يقصد المسجد، ومن لم يقصد إلا القبر، فالأول مشروع والثاني ممنوع؛ فوجب حمل الكلام على المعنى المشروع، خاصة مع كونه هو المعنى المعروف الشائع بينهم (١).

٢ - أن المتقدمين من علماء السلف مجمعون على أن السفر لمجرد زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس بقربة ولا طاعة وإن اختلفوا هل هو حرام أم جائز فلم يقل أحد منهم بالاستحباب -كما سبق- فابن حجر ومن وافقه على القول باستحباب شد الرحال خرقوا إجماع الطائفتين، ولم يكتفوا بذلك بل ادعوا أن هذا الخرق للإجماع إجماع (٢)! !

وأما استدلاله بدلالة القياس على ما جاء في السنة الصحيحة المتفق عليها من الأمر بزيارة القبور، وكون قبر نبينا -صلى الله عليه وسلم- منها، وأنه أولى وأحق وأعلى.

فالجواب عنه: أن هذا استدلال بالسنة لا بالقياس (٣)، ولهذا فما قيل في الجواب عن الاستدلال بالأحاديث الواردة في الأمر بزيارة القبور يقال هنا؛ إذ الجواب عنهما واحد.

وأما قوله بان الزيارة إذا ثبت كونها قربة، فالسفر إليها كذلك.

فالجواب عنه من وجهين:

١ - "أنه ليس كل ما كان جائزًا أو مستحبًا أو واجبًا جاز التوسل إليه


(١) انظر: الرد على الإخنائي (ص ١٣٥)، والصارم المنكي (ص ٣٤٣).
(٢) انظر: الرد على الإخنائي (ص ١٤٠).
(٣) انظر: صيانة الإنسان (ص ٤٨)، الكشف المبدي (ص ١٥٢).

<<  <   >  >>