للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكل طريق ... بل لو توسل الإنسان إلى الطاعة بما حرمه الله لم يجز ذلك ...

وكون الرحلة إلى القربة قد تكون معصية محرمة كثير في الشريعة، كالرحلة للصلاة والاعتكاف والقراءة والذكر في غير المساجد الثلاثة، وكما لو رحلت المرأة إلى أمر غير واجب بغير إذن الزوج كحج التطوع، وكذلك العبد لو رحل إلى الحج بغير إذن سيده، وكذلك المرأة إذا رحلت بغير زوج ولا ذي محرم لزيارة غير واجبة، ففي مواضع كثيرة يكون العمل طاعة إذا أمكن بلا سفر، ومع السفر لا يجوز.

فإن قيل: ما رحل إليه هؤلاء المنهيون عن السفر ليس بقربة في حقهم، قيل له: ومن رحل لزيارة القبور لم يكن ما رحل إليه قربة في حقه" (١).

٢ - أن زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ليست متوقفة على السفر لمجرد الزيارة، "لجواز أن يسافر لزيارة المسجد النبوي أو لأمر آخر من التجارة وغيرها، ثم بعد وصوله المدينة الطيبة يزور قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فحينئذٍ تكون الزيارة متوقفة على مطلق السفر لا على سفر الزيارة، فيكون مطلق السفو قربة لا سفر الزيارة" (٢).

وأما استدلاله بفعل بلال -رضي الله عنه- وعمر بن عبد العزيز -رَحِمَهُ اللهُ- فهو متعقب بكونه لم يصح عنهما، وبيان ذلك كما يلي:

١ - أن قصة بلال -رضي الله عنه- قد أخرجها الحاكم أبو أحمد محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري (٣) في الجزء الخامس من فوائده (٤)، ومن


(١) الرد على الإخنائي (ص ١٧٧) وما بعدها.
(٢) صيانة الإنسان (ص ٧٣)، وانظر: (ص ٧١ - ٧٣)، والكشف المبدي (ص ١٧٤) وما بعدها.
(٣) هو محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري الكرابيسي، المحدث الحافظ، من مؤلفاته: الأسامي والكنى، والفوائد وغيرها، توفي سنة ٣٧٨ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (١٦/ ٣٧٠)، شذرات الذهب (٣/ ٩٣).
(٤) كتاب الفوائد للحاكم مفقود، وقد أشار الحاكم نفسه إلى روايته لهذا الأثر في كتابه الأسامي والكنى دون أن يخرجه فيه بسنده حيث قال في ترجمة أبي إسحاق إبراهيم بن=

<<  <   >  >>