للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"لتعاليه عن الجهة والمكان" (١)، ولأنه "تعالى خالق الجهات والأمكنة ومحدثها بعد أن لم تكن فهي لحدوثها مستحيلة على الله تعالى" (٢).

ويرى أن الله تعالى "كان في القدم ولا جهة ولا مكان، وهو الآن على ما عليه كان" (٣).

ويتأول ابن حجر -عفا الله عنه- الآيات والأحاديث الدالة على كون الله تعالى في العلو وأنه سبحانه في السماء بعلو القدر والقهر، فيقول: "من في السماء: أي عزه وسلطانه وخزائن رحمته، وهكذا مجمل سائر الأحاديث والآيات الموهم ظاهرها مكانًا أو جهة، تعالى الله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا" (٤).

وأعجب من ذلك حكايته الخلاف في كفر من قال: الله في السماء، حيث يقول: "لوقال: الله في السماء فقيل: يكفر، وقيل: لا، والقائلون بالجهة لا يكفرون على الصحيح، نعم إن اعتقدوا لازم قولهم من الحدوث أو غيره كفروا إجماعًا" (٥)! ! .

ويختم ابن حجر كلامه في علو الله تعالى بالحط من شأن الإمامين الجليلين ابن تيمية وابن القيم -رحمهما الله- لقولهما بالعلو، وتبرئة الإمام أحمد من معتقدهما فيه بزعمه حيث يقول: "هذا من قبيح رأيهما وضلالهما؛ إذ هو مبني على ما ذهبا إليه، وأطالا في الاستدلال له، والحط على أهل السنة في نفيهم له، وهو إثبات الجهة والجسمية له، تعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوًا كبيرًا، ولهما في هذا المقام من القبائح، وسوء الاعتقاد، ما تصم عنه الآذان، فيقضى عليه بالزور، والكذب، والضلال، والبهتان قبحهما الله، وقبح من قال بقولهما، والإمام


(١) فتح المبين (ص ٢٠)، وانظر: الإنافة في الصدقة والضيافة (ص ٣٦)، الزواجر (١/ ٣٢)، الفتاوى الحديثية (ص ١٥١، ١٥٣)، المنح المكية (٣/ ١٣٩٧)، النخب الجليلة (ص ٤٢)، شرح المشكاة (ص ٩٣)، العمدة شرح البردة (ص ٥١٥).
(٢) الإنافة في الصدقة والضيافة (ص ٣٦).
(٣) المصدر السابق (ص ٣٦).
(٤) المصدر السابق (ص ٣٦).
(٥) الإعلام بقواطع الإسلام (ص ٢٣٩).

<<  <   >  >>