للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر العلامة ابن القيم رحمهُ اللهُ أنواع الأدلة النقلية الدالة على علو الله فعد منها عشرين نوعًا، ذكر منها: التصريح بالاستواء، والفوقية بمن وبدونها، والعروج إليه، والصعود إليه، ورفع بعض المخلوقات إليه، والعلو المطلق، وتنزيل الكتاب منه، واختصاص بعض المخلوقات بكونها عنده، وأنه في السماء، ورفع الأيدي إليه، ونزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا، والإشارة إليه حسًا (١).

ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهُ اللهُ: "فهذا كتاب الله من أوله إلى آخره، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- من أولها إلى آخرها، ثم عامة كلام الصحابة والتابعين، ثم كلام سائر الأئمة، مملوء بما هو إما نص وإما ظاهر في أن الله سبحانه وتعالى هو العلي الأعلى، وهو فوق كل شيء ... وأنه فوق السماء ... ثم عن السلف في ذلك من الأقوال، ما لو جمع لبلغ مئين وألوفًا، ثم ليس في كتاب الله، ولا في سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أحد من سلف الأمة، ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا عن الأئمة الذين أدركوا زمن الأهواء والاختلاف حرف واحد يخالف ذلك، لا نصًا ولا ظاهرًا" (٢).

وأما دلالة الفطرة: فإن بني آدم كلهم مفطرون على الإقرار بعلو الله الذاتي، لا يستطيع أحد منهم أن ينفك عن ذلك، فإن الخلق كلهم باختلاف طوائفهم وتعدد مذاهبهم -عدا من اجتالته الشياطين منهم- إذا نابهم شيء اتجهوا بقلوبهم وأيديهم إلى جهة العلو اضطرارًا وليس اختيارًا بحيث لا يستطيع أحد دفع ذلك (٣).

وأما دلالة العقل: فإن من المعلوم ببداهة العقول أن الله تعالى كان ولا شيء معه، ثم خلق الخلق، فلما خلقهم فلا يخلو أن يكون خلقهم في


(١) انظر: مختصر الصواعق (٢/ ٢٠٥)، النونية مع شرحها لهراس (١/ ١٨٤ - ٢٥١)، وانظر: شرح الطحاوية (٢/ ٣٨٠ - ٣٨٦).
(٢) الحموية (ص ٢١٦ - ٢٣٢).
(٣) انظر: الرد على الجهمية للدارمي (ص ٢٠ - ٢١)، التوحيد لابن خزيمة (١/ ٢٥٤)، التمهيد لابن عبد البر (٧/ ١٣٤ - ١٣٥)، درء التعارض (٦/ ١٢)، مجموع الفتاوى (٥/ ٢٥٩ - ٢٦٠)، اجتماع الجيوش الإسلامية (ص ٣٢٨ - ٣٣١).

<<  <   >  >>