للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - أن روايات الحديث الأخرى تنافي ذلك كرواية: "إن الله خلق آدم على صورته طوله ستون ذراعًا ... "، ورواية: "إن الله خلق آدم على صورة الرحمن"، ورواية: "إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته"؛ فإن هذه الروايات لم يسبق فيها شيء يصلح لعود الضمير على المضروب.

٢ - أن ما ذكر في سبب ورود الحديث من كون النبي -صلى الله عليه وسلم- مر برجل يضرب وجه رجل آخر فقال: "لا تضربه فإن الله خلق آدم على صورته" زيادة لا أصل لها، ولا تعرف في شيء من كتب الحديث.

أن الله خلق آدم على صورة بنيه كلهم، فإفراد الضمير وتخصيصه بواحد منهم لم يتقدم له ذكر بأن الله خلق آدم على صورته في غاية البعد.

٤ - أن ذرية آدم عليه السلام خلقوا على صورة آدم، ولم يخلق آدم على صورهم، ومثل هذا يقال فيه: خلق الثاني المتأخر في الوجود والخلق على صورة الأول المتقدم في الوجود والخلق، ولا يقال: إنه خلق الأول على صورة الثاني المتأخر في الوجود، وعليه فلا يصح أن يقال: خلق الوالد على صورة ابنه أو على خلق ابنه، بل يكون هذا فاسدًا في الكلام (١).

وأما تأويل الحديث بأن الله خلق آدم على أوصافه التي يتصف بها من العلم والقدرة وغيرهما، وإرجاع الضمير إلى الله بهذا الاعتبار فهو باطل أيضًا من وجوه، منها:

١ - أن الصورة: هي الصورة الموجودة في الخارج، ولفظ (صَوَرَ) يدلّ على ذلك، وما من موجود من الموجودات إلا له صورة في الخارج.

أما الصفة: فهي -في الأصل- مصدر وصفت الشيء، أصفه، وصفًا، ثم يسمون المفعول باسم المصدر صفة.


(١) انطر: بيان تلبيس الجهمية، القسم السادس، تحقيق: عبد الرحمن اليحيى (٢/ ٤٤٢ - ٤٤٩).

<<  <   >  >>