للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - أن حقيقة الكلام تتضمن اللفظ والمعنى، فالكلام "اسم عام لهما جميعًا يتناولهما عند الإطلاق؛ وإن كان مع التقييد يراد به هذا تارة، وهذا تارة" (١).

يقول شيخ الإسلام رحمهُ اللهُ: "عامة ما يوجد في الكتاب والسنة وكلام السلف والأئمة، بل وسائر الأمم عربهم وعجمهم من لفظ الكلام ... فإنه عند إطلاقه يتناول اللفظ والمعنى جميعًا، لشموله لهما، ليس حقيقة في اللفظ فقط -كما يقوله قوم- ولا في المعنى فقط -كما يقوله قوم- ولا مشتركًا بينهما -كما يقوله قوم- ولا مشتركًا في كلام الآدميين وحقيقة في المعنى في كلام الله -كما يقوله قوم-" (٢).

٢ - أن ما اصطلح الأشاعرة على تسميته كلامًا نفسيًا ليس كلامًا في اللغة ولا في الشرع، ويؤيد ذلك ما يلي:

أ- انعقاد الإجماع على عدم كونه كلامًا؛ فإن "الكلام ... إنما يعرف في القرآن والسنة وسائر كلام العرب إذا كان لفظًا ومعنى، ولم يكن في مسمى الكلام نزاع بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وإنما حصل النزاع بين المتأخرين من علماء أهل البدع، ثم انتشر" (٣).

يقول العلامة السجزي (٤) رحمهُ اللهُ: "اعلموا -أرشدنا الله وإياكم- أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نحلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب ... والأشعري ... في أن الكلام لا يكون إلا حرفًا وصوتًا ذا تأليف واتساق وإن اختلفت به اللغات ...


(١) مجموع الفتاوى (١٢/ ٦٧)، وانظر: الرد على من أنكر الحرف والصوت للسجزي (ص ٨٠ - ٨٢)، مسألة القرآن لابن عقيل (ص ٧٠)، البرهان في بيان القرآن لابن فدامة (ص ٧٧)، التسعينية (٢/ ٤٣٥)، مجموع الفتاوى (٦/ ٥٣٣) (٧/ ١٣٢ - ١٣٤).
(٢) مجموع الفتاوى (١٢/ ٤٥٦ - ٤٥٧).
(٣) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (١/ ٢٠٢).
(٤) هو عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد بن محمد بن حاتم الوايلي البكري، السجزي، أبو نصر، إمام سلفي، من مؤلفاته: الإبانة في الرد على الزائغين في مسألة القرآن، الرد على من أنكر الحرف والصوت، توفي سنة ٤٤٤ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (١٧/ ٦٥٤)، شذرات الذهب (٣/ ٢٧١).

<<  <   >  >>