للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالإجماع منعقد بين العقلاء على كون الكلام حرفًا وصوتًا، فلما نبغ ابن كلاب وأضرابه وحاولوا الرد على المعتزلة من طريق مجرد العقل، وهم لا يخبرون أصول السنة، ولا ما كان السلف عليه ... خرقوا الإجماع المنعقد بين الكافة المسلم والكافر" (١).

ب- أن هذا القول بدعة حادثة بعد انقضاء القرون المفضلة؛ "فيمتنع أن يكون الكلام الذي هو أظهر صفات بني آدم ... لم يعرفه أحد من الصحابة والتابعين وتابعيهم، حتى جاء من قال فيه قولًا لم يسبقه أحد من المسلمين، ولا غيرهم" (٢).

وقد اعترف الشهرستاني -وهو من أئمة الأشاعرة- بأن الأشعري ابتدع قولًا ثالثًا بعد قول أهل السنة وقول المعتزلة فقال: "أبدع الأشعري قولًا ثالثًا وقضى بحدوث الحروف، وهو خرق الإجماع، وحكم بأن ما نقرأه كلام الله مجازًا لا حقيقة وهو عين الابتداع، فهلا قال ورد السمع بأن ما نقرأه ونكتبه كلام الله تعالى دون أن يتعرض لكيفيته وحقيقته" (٣).

ونحوه ما قاله الرازي: " ... وذلك كلام النفس الذي لم يقل به أحد إلا أصحابنا" (٤).

جـ- أن الأشاعرة القائلين بالكلام النفسي لم يتصوروا ماهيته وعجزوا عن بيانه بتعريف منضبط.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهُ اللهُ: "الكلام القديم النفساني الذي أثبتموه، لم تثبتوا ما هو بل ولا تصورتموه، وإثبات الشيء فرع عن تصوره، فمن لم يتصور ما يثبته كيف يجوز أن يثبته؟


(١) الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص ٨٠ - ٨٢)، وانظر: مسألة في القرآن لابن عقيل (ص ٦٦، ٧٠)، حكاية المناظرة في القرآن لابن قدامة (ص ٢٢)، الصراط المستقيم في إثبات الحرف القديم له أيضًا (ص ٤٠)، التسعينية (٢/ ٦٨٥ - ٦٩٠)، درء التعارض (٢/ ٨٣ - ٨٦)، الاستقامة (١/ ٢١٤).
(٢) مجموع الفتاوى (٧/ ١٣٣)، وانظر: الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص ٨٠ - ٨٢)، الصراط المستقيم (ص ٣٦ - ٣٧)، التسعينية (٢/ ٦٢٥، ٦٨٣) (٣/ ٨٧٥).
(٣) نهاية الإقدام (ص ٣١٣).
(٤) المحصول (٤/ ٢٢٤).

<<  <   >  >>