للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نزوله سبحانه إلى سماء الدنيا كل ليلة، وعشية عرفة، وليلة النصف من شعبان، وبعد أن ينادي المنادي بين يدي الساعة، ونزوله تعالى إلى الأرض بين النفختين في الصور، ويوم القيامة، ونزوله جل وعلا من العرش إلى الكرسي يوم القيامة، ونزوله عزَّ وجلَّ على القنطرة يوم القيامة، ونزوله جل في علاه لأهل الجنة (١).

يقول الإمام الدارمي (٢) رحمهُ اللهُ بعد سياقه لأحاديث النزول الدالة على هذه الأنواع: "فهذه الأحاديث قد جاءت كلها وأكثر منها في نزول الرب تبارك وتعالى في هذه المواطن، وعلى تصديقها والإيمان بها أدركنا أهل الفقه والبصر من مشايخنا، ولا ينكرها منهم أحد، ولا يمتنع من روايتها، حتى ظهرت هذه العصابة فعارضت آثار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برد، وتشمروا لدفعها بجد، فقالوا: كيف نزوله هذا؟ قلنا: لم نكلف معرفة كيفية نزوله في ديننا ولا تعقله قلوبنا وليس كمثله شيء من خلقه فنشبه منه فعلًا أو صفة بفعالهم وصفتهم، ولكن ينزل بقدرته ولطف ربوبيته كيف يشاء، فالكيف منه غير معقول، والإيمان بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نزوله واجب" (٣).

وعليه فإن النزول ثابت لله تعالى على ما يليق بجلاله، وأما التشغيب عليه بما ذكره ابن حجر من لزوم الحركة والانتقال والجسمية فهو مردود.

يقول العلامة ابن القيم رحمهُ اللهُ: "لفظ الحركة والانتقال والجسم ... ونحو ذلك من الألفاظ التي تحتها حق وباطل، فهذه لا تقبل مطلقًا ولا ترد مطلقًا، فإن الله سبحانه لم يثبت لنفسه هذه المسميات ولم ينفها عنه، فمن أثبتها مطلقًا فقد أخطأ، ومن نفاها مطلقًا فقد أخطأ، فإن معانيها منقسمة إلى ما يمتنع إثباته لله، وما يجب إثباته له.


(١) انظر: أدلة هذه الأنواع وتخريجها في صفة النزول الإلهي للجعيدي (ص ٥٦ - ١٥١).
(٢) هو عثمان بن سعيد بن خالد بن سعيد الدارمي، محدث حافظ، من أئمة السلف وأعلامهم، من مؤلفاته: الرد على الجهمية، والرد على بشر المريسي، توفي سنة انظر: سير أعلام النبلاء (١٣/ ٣١٩)، شذرات الذهب (٢/ ١٧٦).
(٣) الرد على الجهمية له (ص ٩٣).

<<  <   >  >>