للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن الانتقال: يراد به انتقال الجسم والعرض من مكان هو محتاج إليه، إلى مكان آخر يحتاج إليه، وهو يمتنع إثباته للرب تعالى، وكذلك الحركة إذا أريد بها هذا المعنى، امتنع إثباتها لله تعالى.

ويراد بالحركة والانتقال حركة الفاعل من كونه فاعلًا، وانتقاله أيضًا من كونه غير فاعل إلى كونه فاعلًا، فهذا المعنى حق في نفسه، لا يعقل كون الفاعل إلا به، فنفيه عن الفاعل نفي لحقيقة فعله وتعطيل له، وقد يراد بالحركة والانتقال ما هو أعم من ذلك ...

وقد دل القرآن والسنة والإجماع على أنه سبحانه يجيء يوم القيامة، وينزل لفصل القضاء بين عباده، ويأتي في ظلل من الغمام والملائكة، وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، وينزل عشية عرفة، وينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة، وينزل إلى أهل الجنة، وهذه أفعال يفعلها بنفسه في هذه الأمكنة، فلا يجوز نفيها عنه بنفي الحركة والنقلة المختصة بالمخلوقين، فإنها ليست من لوازم أفعاله المختصة به، فما كان من لوازم أفعاله لم يجز نفيه عنه، وما كان من خصائص الخلق لم يجز إثباته له، وحركة الحي من لوازم ذاته، ولا فرق بين الحي والميت إلا بالحركة والشعور، فكل حي متحرك بالإرادة وله شعور، فنفي الحركة عنه كنفي الشعور وذلك يستلزم نفي الحياة" (١).

وأما تأويل ابن حجر النزول الوارد في النصوص بنزول رحمته أو أمره أو بعض ملائكته فباطل من وجوه:

١ - أن القول بذلك تأويل، والتأويل بهذا المعنى في نصوص الصفات باطل -كما سبق- (٢).

٢ - أن القول بذلك مبني على اعتقاد كون النزول يلزم منه التجسيم والحركة والانتقال، وقد سبق الجواب عنه (٣).

٣ - أن الأحاديث الواردة في النزول متواترة، وكلها تدل على أن المراد


(١) مختصر الصواعق المرسلة (٢/ ٢٥٧ - ٢٥٨)، وانظر: مجموع الفتاوى (١٧/ ٣٢٠).
(٢) انظر: (ص ٢٩٧).
(٣) انظر: (ص ٢٩٣).

<<  <   >  >>