للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله سبحانه: {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} [طه: ٨١].

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [الممتحنة: ١٣].

ومن السُّنَّة: حديث الشفاعة المشهور، وفيه: "إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله ... " (١).

وإثبات الغضب لله تعالى على ما يليق به سبحانه هي جادة أهل السنة والجماعة.

يقول العلامة - ابن أبي العز - رَحِمَهُ الله -: "مذهب السلف وسائر الأئمة إثبات صفة الغضب والرضى، والعداوة والولاية، والحب والبغض ونحو ذلك من الصفات التي ورد بها الكتاب والسنة، ومنع التأويل الذي يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله تعالى، كما يقولون مثل ذلك في السمع والبصر والكلام وسائر الصفات ... ولا يقال: إن الرضى إرادة الإحسان، والغضب إرادة الانتقام، فإن هذا نفي للصفة" (٢).

وعليه فما قرره ابن حجر - غفر الله له - من تأويل الغضب الوارد في النصوص بإرادة الانتقام أو بالانتقام نفسه مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة، وتعليله ذلك بكون حقيقة الغضب مستحيلة على الله مما وافق فيه الأشاعرة (٣).

والجواب عن قوله من وجوه:

١ - أن القول بذلك تأويل، والتأويل في نصوص الصفات بهذا المعنى باطل -كما سبق- (٤).

٢ - أن المقتضي لهذا التأويل اعتقاد كون ظاهرها يستلزم التمثيل وهو باطل - كما سبق - (٥).


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء، باب {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} (٢/ ١٠٢٧). برقم (٣٤٤٠)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (١/ ١٨٥)، برقم (٣٢٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - به.
(٢) انظر: شرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٦٨٥).
(٣) انظر: مشكل الحديث لابن فورك (ص ٢٥٩)، تأويل الأحاديث الموهمة للتشبيه للسيوطي (ص ١٢٠).
(٤) انظر: (ص ٣٩٧).
(٥) انظر: (ص ٢٩٣).

<<  <   >  >>