للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - أن تأويل الغضب بإرادة الانتقام أو الانتقام نفسه تفسير له بغير مدلوله اللغوي وهو الغضب الحقيقي، وتفسيره بذلك ينفي حقيقة الصفة.

٤ - أن تأويل ابن حجر الغضب بإرادة الانتقام أو الانتقام نفسه يلزمه فيه نظير ما فر منه، فإنه إنما تأول الغضب لزعمه أن ظاهره يقتضي التمثيل، فيقال له: كذلك الإرادة والانتقام، فإنهما مما يتصف به المخلوق فإن كان إثباتهما لا يقتضي التمثيل فكذلك الغضب، وإن كان إثباتهما يقتضي ذلك لزم المحظور (١).

وأما تعليله استحالة اتصاف الله سبحانه بالغضب بكون حقيقته فوران الدم وغليانه لإرادة الانتقام وكون ذلك مما يستحيل عليه فهو تعليل عليل؛ إذ هو لازم له في تأويله له بالإرادة، وبيان ذلك أن "يقال له: والإرادة ميل النفس إلى جلب منفعة أو دفع مضرة.

فإن قال: هذه إرادة المخلوق.

قيل له: وهذا غضب المخلوق، وكذلك يلزم بالقول في كلامه، وسمعه، وبصره، وعلمه، وقدرته، إن نفى الغضب والمحبة والرضى ونحو ذلك مما هو من خصائص المخلوقين، فهذا منتفٍ عن السمع والبصر والكلام، وجميع الصفات.

وإن قال: إنه لا حقيقة لهذا إلا ما يختص بالمخلوقين فيجب نفيه عنه. قيل له: وهكذا السمع والبصر والكلام والعلم والقدرة" (٢).

وبعد عرض آراء ابن حجر - غفر الله له وعفا عنه - في صفات الله الذاتية والفعلية وتقويمها؛ يتبين سلوكه مسلك الأشاعرة فيها، وتذبذبه بين التأويل والتفويض، وفق ما قرره في مذهبه في الصفات إجمالًا ونقلته عنه في موضعه.


(١) انظر: التدمرية (ص ٣١)، الصواعق المرسلة (١/ ٢٣٤)، توضيح المقاصد لابن عيسى (٢/ ٤٧، ٥٩) شرح الكافية الشافية لهراس (١/ ٣٠٢ - ٣١٥).
(٢) التدمرية (ص ٣٢)، وانظر: شرح الطحاوية (٢/ ٦٨٦)، الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية للفياض (ص ٩٥ - ٩٦).

<<  <   >  >>