للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعروف، فذلك أمر خارق للعادة أوجده الله تأديبًا للملائكة في قولهم ...

وهذا الذي ذكرته من الجواب عن هذه القصة من أنها أمر خارق للعادة، وبهذه الحكمة التي ذكرتها يبين به الرد على من أطال في إنكار قصتهما ... وأن ذلك الوقوع لتلك الحكمة لا يخل بعصمة الملائكة من حيث هي ولا ينافيه شيء من الأدلة والقواعد، فاحفظ ما قررته وتأمله، فإن الكلام قد كثر في هذا المحل وتعارضت فيه الآراء والظنون، وما ذكرته فيه هو الأوفق بالسنة وغير مناف للقواعد وإن لم أر من سبقني إليه" (١).

التقويم:

العصمة لغة: اسم مصدر من "عَصَمَ".

يقول ابن فارس: "العين، والصاد، والميم، أصل واحد صحيح، يدل على إمساك ومنع وملازمة، والمعنى في ذلك كله معنى واحد" (٢).

والمراد بها اصطلاحًا: الالتزام بالمأمورات والبعد عن المنهيات (٣).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحِمَهُ الله -: "العصمة مطلقًا ... هي فعل المأمور وترك المحذور" (٤).

وعليه فالمراد بالبحث في عصمة الملائكة هو البحث في تحقق هذا المعنى في حقهم من عدمه.

ولتحقيق ذلك يقال: اتفق المسلمون على عصمة المرسلين من الملائكة، واختلفوا فيمن عداهم.

يقول القاضي عياض (٥) - رَحِمَهُ الله -: "أجمع المسلمون على أن الملائكة


(١) الفتاوى الحديثية (ص ٨٧، ٨٨).
(٢) معجم مقاييس اللغة (ص ٧٧٩)، وانظر: تهذيب اللغة (٣/ ٢٤٦٥)، الصحاح (٥/ ١٩٨٦)، لسان العرب (١٢/ ٤٠٣)، القاموس المحيط (ص ١٤٦٩).
(٣) انظر: منهاج السنة (٦/ ٤٠٦، ٤٢٩، ٤٦٩). (٧/ ٨٥)، فتح البادي (١١/ ٥١٠)، شرح الكوكب المنير (٢/ ١٦٧)، وللاستزادة: عصمة غير الأنبياء للدكتور يوسف السعيد (ص ٢١٨ - ٢١٩).
(٤) منهاج السنة (٧/ ٨٥).
(٥) هو عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض اليحصبي، أبو الفضل =

<<  <   >  >>