للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مؤمنون فضلاء، واتفق أئمة المسلمين أن حكم المرسلين منهم حكم النبيين سواء في العصمة ...

واختلفوا في غير المرسلين منهم:

فذهبت طائفة إلى عصمة جميعهم عن المعاصي، واحتجوا بقوله تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦] ...

وذهبت طائفة إلى أن هذا خصوص للمرسلين منهم والمقربين.

والصواب عصمة جميعهم، وتنزيه نصابهم عن جميع ما يحط من رتبتهم ومنزلتهم عن جليل مقدارهم" (١).

وعليه فما ذكره ابن حجر - رَحِمَهُ الله - من ترجيح القول بعصمة الجميع هو الصواب الذي تعضده الأدلة، ومنها:

قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧)} [الأنبياء: ٢٦، ٢٧].

وقوله سبحانه: {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦].

وقوله جل وعلا: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: ٥٠].

وقوله سبحانه: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (٢٠)} [الأنبياء: ٢٠].

وقوله تبارك وتعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: ٧٥].

فهذه الآيات دلت بمجموعها على فعلهم المأمورات وتركهم المنهيات، ومبالغتهم في الاشتغال بعبادة الله، واصطفاء الله سبحانه منهم، وقد سيقت كلها في معرض التمدح، وإذا كان شأنهم كذلك لم يبق للمعصية


= المشهور بالقاضي، من أئمة المالكية وعلمائهم، من مؤلفاته: إكمال المعلم بفوائد مسلم، الشفا في حقوق المصطفى، ترتيب المدارك وغيرها، توفي سنة ٥٤٤ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (٢٠/ ٢١٢)، شذرات الذهب (٤/ ١٣٨).
(١) الشفا (٢/ ٨٥١ - ٨٥٣).

<<  <   >  >>