للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن السُّنَّة: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا سيد ولد آدم ... " (١).

وأما الإجماع: فقد أجمع العلماء كافة على أن الرسل أفضل من الأنبياء -كما سبق (٢) - وأجمعوا على المفاضلة بين آحادهم -كما سيأتي- (٣).

وأما النصوص الواردة في النهي عن المفاضلة -والتي ذكر ابن حجر بعضها- فقد اختلف أهل العلم في توجيهها، وذهبوا في ذلك مذهبين:

أحدهما: مذهب الجمع: وهو مذهب أكثر أهل العلم، واختلف هؤلاء في وجهه على أقوال (٤)، وقد ذكر ابن حجر في كلامه السابق بعضًا منها.

والثاني: مذهب النسخ: وهو مذهب بعض أهل العلم، حيث قالوا بنسخ نصوص النهي عن التفضيل بما ورد في المفاضلة (٥).

وأصح المذهبين -فيما يظهر لي- مذهب الجمع، وأولى الأقوال فيه القول بأن نصوص النهي عن المفاضلة محمولة على ما كان يؤدي إلى توهم لنقص في المفضول أو الغض منه، أو كان على وجه الإزراء به، ونصوص المفاضلة محمولة على ما خلا عن ذلك (٦).

وبناء على ما سبق فما ذكره ابن حجر من كون القول بجواز المفاضلة هو ما عليه عامة العلماء، وأن النهي عن ذلك لا يعارضه مما وافق فيه أهل العلم، وأصاب فيه الحق.

وأما تحقيق القول في المفاضلة، بين الرسل والأنبياء فلا شك ولا


(١) سبق تخريجه (ص ٢٨٤).
(٢) انظر: (ص ٤١٠).
(٣) انظر: (ص ٤١٦).
(٤) انظر: مشكل الآثار (١/ ٣٠٨)، تأويل مختلف الحديث (ص ١٠٩)، دلائل النبوة (٥/ ٤٩١ - ٥٠٠)، معالم السنن (٤/ ٢٨٦)، المنهاج في شعب الإيمان (٢/ ١١٧)، شرح صحيح مسلم (١٥/ ٤٣)، شرح الطحاوية (١/ ١٥٩)، فتح الباري (٦/ ٤٤٦).
(٥) انظر: تفسير القرطبي (٣/ ٢٦٢)، شرح صحيح مسلم (١٥/ ٤٣)، فتح الباري (٦/ ٤٥٢).
(٦) اختار هذا القول الخطابي كما في معالم السنن له (٤/ ٢٨٦)، والحليمي كما في المنهاج له (٢/ ١١٧)، وشيخ الإسلام كما في منهاج السنة (٧/ ٢٥٦)، والفتاوى (١٤/ ٤٣٦)، وابن أبي العز كما في شرحه على الطحاوية (١/ ١٥٩).

<<  <   >  >>