للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ريب أن أفضل الرسل نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لتواتر النصوص في ذلك، وقيام إجماع أهل العلم عليه.

فقد تواترت نصوص الكتاب والسنة نصًا وظاهرًا في الدلالة على أفضليته -صلى الله عليه وسلم- على غيره من الأنبياء والرسل، وأوردها غير واحد من أهل العلم ممن كتبوا في خصائصه -صلى الله عليه وسلم- (١)، وأجمعت الأمة على القول بمقتضاها (٢).

يقول القاضي عياض رحمه الله: "لا خلاف أنه أكرم البشر، وسيد ولد آدم، وأفضل الناس منزلة، عند الله، وأعلاهم درجة، وأقربهم زلفى، واعلم أن الأحاديث الواردة في ذلك كثيرة جدًّا" (٣).

وقرر السلف ذلك في عقائدهم، وعدوه من معاقد العقائد، التي يجب الإيمان بها، فقد عقد الإمام الآجري في كتاب الشريعة بابًا بعنوان: "باب ما فضل الله عز وجل به نبينا -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا من الكرامات على جميع الأنبياء عليهم السلام" (٤)، وقال الحافظ عبد الغني المقدسي في عقيدته: "فصل: ونعتقد أن محمدًا المصطفى خير الخلائق، وأفضلهم وأكرمهم على الله عز وجل، وأعلاهم درجة، وأقربهم إلى الله وسيلة" (٥).

ويلي نبينا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- في الفضل بقية أولي العزم الذين أثنى الله عليهم، وأمر نبيه بالاقتداء بهم في قوله سبحانه: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} [الأحقاف: ٣٥].

وقد اختلف أهل العلم في تعيينهم، فمنهم من عينهم بالصفة، ومنهم من عينهم بالتسمية، وأصح الأقوال أنهم الخمسة المذكورون نصًا في


(١) انظر: غاية السؤل في خصائص الرسول لابن الملقن (ص ٢٢٣)، اللفظ المكرم بخصائص النبي -صلى الله عليه وسلم- للخيضري (٢/ ٥)، الخصائص الكبرى للسيوطي (٢/ ٣١٤)، مرشد المحتار إلى خصائص النبي المختار لابن طولون (ص ٣٢٣).
(٢) انظر: في حكاية إجماعهم الشفا للقاضي عياض (١/ ٢١٥)، تفسير الرازي (٦/ ١٩٥)، تفسير ابن كثير (٣/ ٥٣).
(٣) الشفا (١/ ٢١٥).
(٤) الشريعة (٣/ ١٥٥٢).
(٥) الاقتصاد في الاعتقاد (ص ١٩٦).

<<  <   >  >>