للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما المعقول: فقد نقل العلامة ابن القيم عن الحافظ ابن الجوزي -رحمهما الله- وجوهًا من المعقول تدل على موت الخضر، منها:

أ - أن الذي أثبت حياته يقول: إنه ولد آدم لصلبه أو الرابع من ولد ولده، ومحال أن يعمر كل هذه المدة الطويلة، فإن مثل هذا بعيد في العادات أن يقع في حق البشر.

ب - أن الخضر لو كان كذلك، لكانت خلقته ليست على خلقتنا، بل كان مفرطًا في الطول والعرض، ولم يذكر أحد ممن زعم رؤيته أنه رآه على خلقة عظيمة.

ج - أن الخضر لو كان كذلك، لكان ممن مات زمن نوح عليه السلام فإن العلماء قد اتفقوا على أن نوحًا لما نزل من السفينة مات من كان معه، ثم مات نسلهم، ولم يبق غير نسل نوح، بدليل قوله عز وجل: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (٧٧)} [الصافات: ٧٧]، ومعلوم أن الخضر ليس من نسل نوح عند القائلين بتعميره.

د - أنه لو كان حيًّا؛ لكان جهاده الكفار، ورباطه في سبيل الله، ومقامه في الصف ساعة، وحضوره الجمعة والجماعة، وتعليمه العلم خيرًا له وأفضل من سياحته بين الوحوش في الصحاري والبراري، وهل هذا إلا من أعظم الطعن عليه، والعيب له (١)؟ .

وبمجموع هذه الأدلة فإن الراجح -والله أعلم- القطع بموته.

وغاية ما استدل به القائلون بتعميره ثلاثة أدلة:

الأول: الأحاديث الدالة على بقائه وتعميره، وكلها ضعيفة لا تقوم بها حجة (٢).


(١) انظر: المنار المنيف (ص ٧٣ - ٧٦)، وقد ذكرها أيضًا الألوسي في روح المعاني (١٥/ ٣٢١).
(٢) انظر: الموضوعات لابن الجوزي (١/ ١١٩)، جامع المسائل لابن تيمية (٥/ ١٣٣)، المنار المنيف (ص ٦٧)، البداية والنهاية (١/ ٣١١)، الزهر النضر (ص ٨٠)، فتح الباري (٦/ ٤٣٤ - ٤٣٥)، الفوائد الموضوعة للكرمي (ص ٥٨)، أسنى المطالب للحوت (ص ٢٩٦).

<<  <   >  >>