للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك وآدم لم يوجد، ثم انبجست منه - صلى الله عليه وسلم - عيون الأرواح فظهر بالملأ الأعلى أصلًا ممدًا للعوالم كلها" (١).

ويقول في شرحه لقول البوصيري:

"كل فضل في العالمين فمن فضـ ... ـل النبي استعاره الفضلاء" (٢)

"كل فضل وجد في العالمين الإنس والملائكة والجن فهو كائن من فضل ذلك النبي الأكرم على ربه من سائر الأنبياء والمرسلين، والملائكة المقربين، .. استعاره ... الفضلاء؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - الممد لهم، إذ هو الوارث للحضرة الإلهية، والمستمد منها بلا واسطة دون غيره، فإنه لا يستمد منها إلا بواسطته - صلى الله عليه وسلم -، فلا يصل لكامل شيء إلا وهو من بعض مدده، وعلى يديه، فآيات كل نبي إنما هي مقتبسة من نوره؛ لأنه كالشمس وهم كالكواكب، فهي غير مضيئة بذاتها، وإنما هي مستمدة من نور الشمس، فإذا غابت أظهرت أنوارها، فهم قبل وجوده - صلى الله عليه وسلم - إنما كانوا يظهرون فضله، وأنوارهم مستمدة من نوره الفائض ومدده الواسع.

ألا ترى أن ظهور خلافة آدم، وإحاطته بالأسماء كلها، إنما هو مستمد من جوامع الكلم المخصوص به نبينا - صلى الله عليه وسلم -، ثم توالت الخلائق إلى زمن بروز جسمه الشريف، فلما أبرز كان كالشمس اندرج في نوره كل نور، وانطوى تحت منشور آياته كل آية لغيره من الأنبياء ... " (٣).

ويقول في معرض ذكره لآداب زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ينبغي له أن يستحضر حياته المكرمة في قبره المكرم، وأنه يعلم بزائريه على اختلاف درجاتم وأحوالهم وقلوبهم وأعمالهم، وأنه - صلى الله عليه وسلم - يمد كلًّا منهم بما يناسب ما هو عليه، وأنه خليفة الله الذي جعل خزائن كرمه، وموائد نعمه طوع يديه وتحت إرادته يعطي منهما من يشاء، ويمنع منهما من يشاء، وأنه لا يمكن أحدًا أن يصل إلى الحضرة العلية من غير طريقه ... " (٤).


(١) مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - (ص ٣٤ - ٣٦)، وانظر: العمدة شرح البردة (ص ٢٢٠).
(٢) الهمزية مع شرحها المنح المكية (٢/ ٦٥٣).
(٣) المنح المكية (٢/ ٦٥٣).
(٤) الجوهر المنظم (ص ٤٢).

<<  <   >  >>