للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التقويم:

ما ذكره ابن حجر- غفر الله له - من كون النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المقصود من الخلق، وهو الممد لها، وخليفة الله فيها، منقول عن جماعة من غلاة المتصوفة (١)، وهو باطل من وجوه:

١ - أن القول بذلك يعارض النصوص الشرعية الدالة على أن المقصود من الخلق ابتلاؤهم بالعبادة كقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات: ٥٦]. وقوله سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: ٢]، وأن الله تعالى هو الممد للمخلوقات والمتصرف فيها كيف يشاء كقوله - عز وجل -: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٨٤]. وقوله جلَّ وعلا: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧)} [المائدة: ١٧].

٢ - أن القول بذلك ينافي بشرية الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما أخبر الله به عنه وأخبر هو عن نفسه كقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)} [الكهف: ١١٠]، وقوله - عز وجل -: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨)} [الأعراف: ١٨٨]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر قريش أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئًا، يا صفية عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا أغني عنك من الله شيئًا، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئًا" (٢).

٣ - أن هذا القول مأخوذ من بعض الفلسفات الفاسدة، والعقائد الباطلة كالفلسفة الهندية، والعقيدة النصرانية (٣).


(١) انظر: الإبريز للدباغ (ص ٢٥٢، ٢٦٠)، حجة الله على العالمين للنبهاني (ص ١٤، ٥٢).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} [الشعراء: ٢١٤] (٣/ ١٤٩٧) برقم (٤٧٧١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - به.
(٣) انظر: الجواب الصحيح (٣/ ٣٨٤)، حقيقة الصوفية للقاسم (ص ٢٨٠)، مظاهر الانحرافات العقدية عند الصوفية (١/ ٣٩٣).

<<  <   >  >>