للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أن القول بذلك معارض بدلالة الكتاب والسنة والإجماع (١).

فمن دلالة الكتاب: قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٨)} [النساء: ١٧, ١٨].

وقوله سبحانه: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (٨٥)} [غافر: ٨٥].

وقوله - عز وجل - {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣)} [التوبة: ١١٣].

ومن دلالة السنة: قوله - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله عن والده: "إن أبي وأباك في النار" (٢).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي، واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي" (٣).

وأما الإجماع: "فقد اتفق السلف والخلف من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وسائر المجتهدين على ذلك؛ من غير إظهار خلاف لما هنالك، والخلاف من اللاحق لا يقدح في الإجماع السابق" (٤).

الثاني: أن القول بذلك ينافي "القواعد الشرعية الدالة على عدم قبول الإيمان بعد مشاهدة الأحوال الغيبية، ودعوى الخصوصية تحتاج إلى إثبات بالأدلة القوية.

وأما الاستدلال بالقدرة الإلهية، وقابلية الخصوصية للحضرة النبوية،


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٤/ ٣٢٤)، رسالة في حق أبوي الرسول - صلى الله عليه وسلم - لإبراهيم الحلبي (ص ٤٥٦)، أدلة معتقد أبي حنيفة الأعظم في أبوي الرسول للقاري (ص ٦٤).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار (١/ ١٩١) برقم (٢٠٣) من حديث أنس - رضي الله عنه - به.
(٣) أخرجه مسلم، كتاب الجنائز، باب استئذان النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه - عز وجل -في زيارة قبر أمه (٢/ ٦٧٢) برقم (٩٧٦) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - به.
(٤) أدلة معتقد أبي حنيفة (ص ٨٤)، وانظر: رسالة في حق أبوي الرسول - صلى الله عليه وسلم - (ص ٤٦١).

<<  <   >  >>