للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمر لا ينكره أحد من أهل الملة الحنيفية، وإنما الكلام في إثبات هذا المرام، بالأدلة على وجه النظام، لا بالاحتمال الذي لا يصلح للاستدلال، خصوصًا في معارضة نصوص الأقوال" (١).

الثالث: أن القول بذلك قد جر بعض القائلين به - ومنهم ابن حجر- إلى القول بنجاة كل أصول النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد ردّ ذلك العلامة القاري - رحمه الله - فقال: "وأما ما ذكر ابن حجر المكي ... من أن الأحاديث مصرحة لفظًا في أكثره، ومعنى في كله، أن آباء النبي - صلى الله عليه وسلم - غير الأنبياء وأمهاته إلى آدم وحواء، ليس فيهم كافر؛ لأن الكافر لا يقال في حقه إنه مختار، ولا كريم، ولا طاهر؛ فمردود عليه، إذ ليس في الأحاديث لفظ صريح يشير إليه، وأما المعنى؛ فكأنه أراد به لفظ: (المختار) و (الكريم) و (الأطهار)، وهو لا دلالة فيه على الإيمان أصلًا، وإلا فيلزم منه أن تكون قبيلة قريش كلهم مؤمنين؛ لحديث: "إن الله اصطفى بني كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة" (٢). ولم يقل به أحد من المسلمين ...

فتأمل؛ فإنه موضع زلل، ومقام خطل، واحذر أن تكون ضالًا مضلًا في الوحل" (٣).

الرابع: أن الأدلة التي ساقها ابن حجر في الدلالة على قوله لا تصح وبيان ذلك فيما يلي:

١ - أما استدلاله بكونهم من أهل الفترة على نجاتهم فهو مردود من وجهين:

أ- أن ذلك معارض بقوله بحياتهما بعد وفاتهما وإيمانهما بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛


(١) أدلة معتقد أبي حنيفة (ص ٨٨ - ٨٩).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤/ ١٧٨٢) برقم (٢٢٧٦) من حديث واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - به.
(٣) أدلة معتقد أبي حنيفة (ص ١١٨ - ١١٩)، وانظر: رسالة في حق أبوي الرسول - صلى الله عليه وسلم - (ص ٤٦٣ - ٤٦٨).

<<  <   >  >>