للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما قوله بأن البعث جسماني فقط فهو موافق لقول كثير من المتكلمين من الجهمية والمعتزلة.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أهل الأرض في المعاد على أربعة أقوال:

أحدها: وهو مذهب سلف المسلمين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين المشهورين وغيرهم من أهل السنة والحديث من الفقهاء والصوفية والنظار وهو إثبات معاد الأرواح والأبدان جميعًا ...

والقول الثاني: قول من يثبت معاد الأبدان فقط، كما يقول ذلك كثير من المتكلمين الجهمية والمعتزلة المبتدعين من هذه الأمة، وبعض المصنفين يحكي هذا القول عن جمهور متكلمي المسلمين أو جمهور المسلمين وذلك غلط؛ فإنه لم يقل ذلك أحد من أئمة المسلمين، ولا هو قول جمهور نظارهم، بل هو قول طائفة من متكلميهم المبتدعة، الذين ذمهم السلف والأئمة.

والقول الثالث: المعاد للنفس الناطقة بالموت فقط، وأن الأبدان لا تعاد، وهذا لم يقله أحد من أهل الملل، لا المسلمين، ولا اليهود، ولا النصارى، بل كل هؤلاء متفقون على إعادة الأبدان ...

ولكن من تفلسف من هؤلاء فوافق سلفه من الصابئة (١) والفلاسفة المشركين على أن المعاد للروح وحده، فإنه يزعم أن الأنبياء خاطبوا الجمهور بمعاد الأبدان وإن لم يكن له حقيقة ... وحقيقة قولهم أن الأنبياء كذبوا للمصلحة، وهؤلاء ملاحدة كفار ...


(١) الصابئة: إحدى النحل القديمة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، وأصل تسميتها من قول العرب: "صبأ يصبأ" إذا خرج الرجل من دين إلى دين، وقيل: نسبة صابئ بن متوشلخ، وقيل: إلى صابئ بن لامك، وقد اختلف أهل العلم في حقيقة هذه النحلة على أقوال كثيرة جدًّا.
انظر: الملل والنحل للشهرستاني (٢/ ٩ - ٥٨)، الرد على المنطقيين لابن تيمية (ص ٤٥٤ - ٤٥٦)، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص ١٤٣)، البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان (ص ٩٢ - ٩٤).

<<  <   >  >>