للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمامان الجليلان أبو حاتم (١) وأبو زرعة (٢) الرازيان - رحمهما الله تعالى -: "أدركنا العلماء في جميع الأمصار ... وكان من مذهبهم ... أن الميزان حق الذي له كفتان يوزن فيه أعمال العباد حسنها وسيئها" (٣).

وقد اختلف في الوزن هل يشمل الكافر وأعماله أم لا، والخلاف جار في أقوال أهل السنة والجماعة (٤).

والراجح - والله أعلم - عدم شموله له؛ لأنه ليس له من الأعمال الصالحة ما يوزن وإنما يجازى عليها في الدنيا، ولعموم الأدلة الدالة على بطلان عمله وعدم وزنه كقوله تعالى:

{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ} [إبراهيم: ١٨]، وقوله سبحانه: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: ١٠٥]، وقوله عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} [الفرقان: ٢٣].

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أما الكفار فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته؛ فإنه لا حسنات لهم، ولكن تعد أعمالهم، فتحصى، فيقفون عليها، ويقررون بها، ويجزون بها" (٥).


= والإبانة (ص ٢٠٣)، شرح أصول اعتقاد أهل السنة (١/ ١٧٧)، منهاج السلامة (ص ١٣٠).
(١) هو محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أبو حاتم الرازي، محدث حافظ، من أئمة السلف وأعلامهم، توفي سنة ٢٧٧ هـ، انظر: سير أعلام النبلاء (١٦/ ٩٢)، تذكرة الحفاظ (٢/ ٥٦٧).
(٢) هو عبيد الله بن عبد الكريم القرشي مولاهم الرازي، محدث حافظ، من أئمة السلف، من مؤلفاته: الضعفاء والمتروكون، توفي سنة ٢٦٤ هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (١٣/ ٦٥)، تذكرة الحفاظ (٢/ ٥٥٧).
(٣) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (١/ ١٧٧).
(٤) انظر: شعب الإيمان (٢/ ٥٧)، التذكرة (٢/ ١٠)، الفصل (٣/ ٦٥)، مجموع الفتاوى (٣/ ١٤٦)، النهاية (٢/ ٣٦ - ٣٧)، فتح الباري (١٣/ ٥٣٨)، تحرير المقال (ص ١٦٧ - ١٧٠)، البدور السافرة (ص ٢٤١)، تحقيق البرهان (ص ٣٤ - ٣٦)، لوامع الأنوار البهية (٢/ ١٨٥)، لوائح الأنوار (٢/ ٢٠٣).
(٥) مجموع الفتاوى (٣/ ١٤٦).

<<  <   >  >>