للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيضًا فالله تعالى قد علق الرؤية باستقرار الجبل وهو أمر ممكن في نفسه، فوجب كون المعلق به كذلك؛ إذ المحال لا يعلق بممكن أصلًا.

وأوَّلَ المعتزلة الآية بتأويلات تخالف ظاهرها حتى يخرجوها عنه إلى ما يوافق اعتقادهم الفاسد، أنها من قسم المحال العقلي الذي لا يمكن وقوعه في الدنيا كالآخرة، ومحل بسطها وردها كتب التفسير والأصول.

الثاني: في وقوعها:

... الرؤية وإن كانت ممكنة عقلًا وشرعًا عند أهل السنة لكنها لم تقع في هذه الدار لغير نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وكذا له على قول عليه بعض الصحابة - رضي الله عنهم - لكن جمهور أهل السنة على وقوعها له - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج بالعين ... " (١).

التقويم:

رؤية الله عز وجل في الدنيا جائزة في الشرع والعقل، غير واقعة بإجماع أهل السنة والجماعة (٢)، سوى رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - له ليلة المعراج - كما سيأتي -.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أئمة السنة والجماعة متفقون على أن الله لا يراه أحد بعينه في الدنيا، ولم يتنازعوا إلا في نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - خاصة" (٣).

والأدلة على ذلك متضافرة نقلًا وعقلًا.

فمن الأدلة النقلية:

١ - قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا


(١) الفتاوى الحديثية (١٩٩ - ٢٠٠)، وانظر: (ص ٢٨٨)، فتح المبين (ص ٨١)، المنح المكية (١/ ٤٢٣)، التعرف (ص ١١٠).
(٢) انظر: الرد على الجهمية للدارمي (ص ١٥٠)، شرح السنة للبربهاري (ص ٧٦)، مجموع الفتاوى (٣/ ٣٩٠، ٥/ ٤٩٠، ٦/ ٥١٠، ٥١٢)، مدارج السالكين (٣/ ٢٢٩)، حادي الأرواح (ص ٣٢٠)، شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٢٢٢).
(٣) مجموع الفتاوى (٥/ ٤٩٠).

<<  <   >  >>