للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (١٤٣)} [الأعراف: ١٤٣].

والاستدلال بها من وجوه، منها:

أ - أنه لا يظن بكليم الله ورسوله، وأعلم الناس به في وقته أن يَسأل ما لا يجوز عليه، بل هو من أعظم المحال.

ب - أن الله تعالى لم ينكر عليه سؤاله، ولما سأل نوح عليه السلام ربه نجاة ابنه أنكر عليه سؤاله، وقال: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: ٤٦].

جـ - أنه تعالى قال: {لَنْ تَرَانِي} ولم يقل: إني لا أُرى، أو لا تجوز رؤيتي، أو لست بمرئي، والفرق بين الجوابين ظاهر.

د - أن الله تعالى قادر على أن يجعل الجبل مستقرًا، وذلك ممكن، وقد علّق به الرؤية، ولا يجوز تعليق المحال بممكن (١).

٢ - قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣)} [الأنعام: ١٠٣].

ووجه الاستدلال بها:

أن النفي الوارد في الآية المراد به أبصار أهل الدنيا على أحد القولين في الآية (٢).

يقول الإمام أحمد رحمه الله في تفسيرها: "يعني في الدنيا دون الآخرة؛ وذلك أن اليهود قالوا لموسى: أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة فماتوا وعوقبوا بقولهم أرنا الله جهرة، وقد سأل مشركو قريش النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أو تأتي بالله والملائكة قبيلًا، فلما سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه المسألة قال الله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} [البقرة: ١٠٨] حين قالوا: أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة، فأنزل الله سبحانه يخبر أنه لا تدركه الأبصار أي: أنه لا يراه أحد في الدنيا دون الآخرة، فقال: لا تدركه


(١) انظر: حادي الأرواح (ص ٢٦٧ - ٢٦٩)، شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٢١٣).
(٢) انظر: تفسير ابن جرير (٥/ ٢٩٦)، تفسير ابن أبي زمنين (٢/ ٨٩)، تفسير السمعاني (٢/ ١٣٣)، تفسير البغوي (٣/ ١٧٤)، تفسير ابن كثير (٢/ ١٨٠).

<<  <   >  >>