للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كبيرًا، وما ذُكر من استحالة الظّلم عليه تعالى هو قول الجمهور.

وقيل: بل هو متصوّر منه لكنّه لا يفعله عدلًا منه وتنَزّهًا عنه ... وهو غير سديد" (١).

التّقويم:

وردت النّصوص بِتَنْزِيه الله عن الظّلم، وتحريمه سبحانه له على نفسه.

قال تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: ١٠٨].

وقال سبحانه: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: ٤٩].

وقال عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: ٢٩].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "قال الله تعالى: يا عبادي إنّي حرّمت الظّلم على نفسي وجعلته بينكم مُحرّمًا فلا تظالموا ... " (٢).

"وقد اتّفق المسلمون وغيرهم على أنّ الله مُنَزّه عن الظّلم" (٣).

واختلفوا في حقيقته، ومعنى تنزيه الله عنه:

فذهبت القدريّة من المعتزلة ومن تبعهم إلى أنّ الظّلم الذي يُنَزّه عنه الخالق من جنس الظّلم الذي يُنَزّه عنه المخلوق.

فقالوا: إنّ الظلّم إضرار لا نفع فيه للمفعول به، ولا رفع لضرر آخر عنه، ولا هو مستحقّ له فإذا اتّفقت هذه الأمور عن أيّ فعل فإنّه يكون ظلمًا، ويستوي في ذلك الخالق والمخلوق (٤).

وذهبت الجبريّة من الجهميّة ومن تبعهم من الأشاعرة وغيرهم إلى أنّ الظّلم هو الممتنع الذي لا يدخل تحت القدرة، وكلّ ممكن فهو في حقّه عدل.


(١) فتح المبين (ص ١٩١ - ١٩٢)، وانظر: العمدة (ص ٤١١)، فتح الإله (ص ٥٢٥).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم (٤/ ١٩٩٤) برقم (٢٥٧٧) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- به.
(٣) مجموع الفتاوى (٨/ ٥٠٥).
(٤) انظر: شرح الأصول الخمسة (ص ٣٤٥ - ٣٤٦)، المحيط بالتكليف (ص ٢٥١)، المختصر في أصول الدين للقاضي عبد الجبار ضمن رسائل العدل والتوحيد (١/ ٢٥٧).

<<  <   >  >>